كل وسائل الضغط ما عدا التدخل العسكرى
بسمة قضماني
آخر تحديث:
الأحد 19 يونيو 2011 - 9:10 ص
بتوقيت القاهرة
الرأى العام الأوروبى أصبح يراقب تطورات الوضع فى سوريا عن كثب ويحاول أن يحفظ ويلفظ أسماء صعبة كجسر الشغور وخان الشيخون ومعرة النعمان كلما استهدفت قوات الأمن مدينة أو بلدة جديدة لسحق الانتفاضة فيها.
فرنسا تقود المبادرة الدبلوماسية بالتنسيق مع بريطانيا. وزير الخارجية الفرنسى الآن جوبيه جعل من القضية السورية من أولى أولوياته رغم انشغال الادارة الفرنسية بالملف الليبى فى الوقت نفسه. وكانت فرنسا قد سعت جهدها فى مجلس الأمن الاسبوع الماضى لاقناع كل الأعضاء الدائمين والدول الكبرى الأخرى الممثلة فى المجلس بتبنى قرار يدين الممارسات القمعية للنظام. رغم ان المبادرة لم تنجح فإن وزارة الخارجية وقصر الإليزيه مصممان على الاستمرار فى البحث عن وسائل أخرى للضغط على نظام بشار الأسد.
فى الوقت نفسه تحركت فاعليات المجتمع المدنى لتحث قياداتها على القيام بخطوات للضغط على الحكم فى دمشق. فقد صدر نداء عنيف اللهجة عن مجموعة من الشخصيات السياسية والمثقفين والفنانين الفرنسيين انضمت اليهم شخصيات اوروبية يقول ان نظاما يقمع شعبه بالدبابات والمروحيات العسكرية، يقتل ويعذب حتى الأطفال، يحول مواطنيه الى لاجئين ويحرّض فئات المجتمع ضد بعضها البعض محاولاً إشعال نزاعات طائفية، هذا النظام لا يستحق أن يحكم. ويطالب الموقعون الدول أعضاء الاتحاد الاوروبى بأخذ كل الإجراءات المتوافرة لديهم من اجل الضغط على النظام ومعاقبته باستثناء التدخل العسكرى. ذلك لأن التدخل العسكرى أمر مرفوض من قبل الشعب السورى ويشكل أحد المحرمات عند المعارضة فى الداخل لكنه وهو فى الواقع مرفوض أيضا عند جزء كبير من النخبة السياسية فى اوروبا بسبب التجربة الليبية.
تتجه فرنسا وبريطانيا الى الاتحاد الاوروبى مرة أخرى هذا الاسبوع لإقناع الدول الاعضاء فيها باتخاذ عقوبات جديدة ضد أعضاء النظام السورى. لكن السؤال الصعب هو هل كان قرار مجلس الأمن سيؤثر فعليا وما هى وسائل الضغط المتوافرة لدى المجتمع الدولى لإرغام النظام على تغيير سلوكه وإنقاذ ارواح شبان واطفال يموتون كل يوم على أيدى رجال الأمن؟
يبدو ان الرهان الآن هو ان النظام فى سوريا خلافاً لليبيا ومن قبلها العراق لا يملك القدرات المالية والاقتصادية الكافية للاستمرار فى النهج الذى يسلكه حالياً لمدة طويلة، وانه قد بدأ بالاهتراء من الداخل بسبب ضيق الامكانات المالية لديه. من هنا نرى التركيز منذ ايام قليلة فى الصحافة الدولية على رصد الموارد والقدرات المالية للنظام بينما تتكلم الدول الكبرى عن احتمال اقرار عقوبات جديدة من شأنها أن تشدد الحصار عليه. قد تحتاج هذه الاستراتيجية وقتا وتتطلب نفسا طويلا وقدرة على الصمود لدى الشعب لكى تنتج تغييراً. فيما يخص الشعب فهو يثبت يومياً انه مستعد للصمود لذلك بامكان القوى الخارجية ان تراهن على استعداد الداخل على المثابرة شرط ان تكون الرسالة واضحة بأن العالم لن ينسى الشعب السورى فى معركته ضد الظلم.