انقلاب الشارع على الإخوان
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الجمعة 19 يوليه 2013 - 8:35 ص
بتوقيت القاهرة
فى أحد شوارع عابدين قرب ميدان لاظوغلى، فوجئت بأن بعض سكان الشارع قرروا التصدى بالقوة لأى مظاهرة إخوانية تفكر فى المرور بالشارع.
اعرف بعض هؤلاء المواطنين لأنهم جيرانى.. هم مصريون عاديون، متعلمون جيدا، معظمهم يعملون، يصلون ويصومون، وفى المساء يجلسون على المقهى للعب الطاولة أو مشاهدة مباريات الدورى الإسبانى.
مثل هؤلاء لا تنطبق عليهم أى علامة من علامات البلطجية أو «المواطنين الشرفاء» الذين كانت تطلقهم الداخلية لمهاجمة ثوار 25 يناير.
المؤكد أن هناك خليطا من البلطجية والباعة الجائلين وبعض المواطنين كانوا يهاجمون ثوار 25 يناير منذ إسقاط مبارك وحتى إسقاط مرسى، وربما يكون بعض هؤلاء لايزال حرا طليقا لمهاجمة متظاهرى الإخوان، لكن الحقيقة الدامغة التى رأيتها بعينى وسمعتها بأذنى أن هناك فعلا مواطنين مصريين عاديين فى أكثر من مكان صاروا أكثر عنفا تجاه التيار الإسلامى عموما والإخوان خصوصا.
بالطبع من حق كل شخص أن يحب هذا الحزب أو التيار أو الجماعة أو لا يحب، لكن أن يتطور الأمر إلى محاولة ترجمة هذه المشاعر إلى ضرب وإيذاء فهذا تطور خطير. هذا التطور هو الذى يجعلنا نفهم سر الاشتباكات المستمرة بين الإخوان وأهالى مناطق كثيرة تمر منها مظاهراتهم.
لا أعرف هل هناك بلطجية يقومون بالاعتداء على مسيرات إخوانية أم لا، لكن خبيرا أمنيا قال لى انه قد يكون هناك بلطجى يضرب هذه المظاهرات أو تلك ثم يجرى، لكن أن يشتبك معها ويصاب او يموت فهذا مستحيل، هو قد يموت فى أمر تافه جدا، لكنه لا يحارب معركة لا يعرفها.
من الأخطاء الكبرى التى يقع فيها الإخوان منذ يوم 30 يونيو أن كل من يشتبك معهم فى احتجاجاتهم هم بلطجية ارسلتهم الشرطة.
بالطبع يمكن فهم ذلك لأنه فى اللحظة التى سيقول فيها الإخوان الحقيقة، سوف يتوصلون إلى حقيقة أخطر وهى أن الذى يحاربهم فى الأساس هم الناس العاديون وليس الأجهزة الأمنية. ربما تكون هذه الأجهزة تحاربهم، لكنها أعجز من أن تفعل ذلك بمفردها، والا كيف تمكن الشعب من انجاح ثورة 25 يناير وأسقط هذه الأجهزة؟!.
لا يريد الإخوان أن يتمعنوا فى المواطنين العاديين الذين يلقون عليها الطوب والحجارة وأحيانا المياه القذرة من شرفات ونوافذ منازلهم أثناء مرور المسيرات.. هل الثورة المضادة منتشرة فى كل هذه البيوت، كيف يمكن تفسير أن كل من لم ينزل للتظاهر ضد الإخوان وضع علم مصر على شرفته تضامنا مع 30 يونيو، وهى الفكرة التى حاول تقليدها الإخوان فيما بعد؟!.
التعرض لمسيرات الإخوان بالضرب والعنف لا يجوز تبريره إطلاقا، لكنه مؤشر مهم على مدى غضب المواطنين منهم.
ألم يسأل الإخوان أنفسهم سؤالا بسيطا وهو: إذا عادوا للحكم مرة أخرى، فأى شعب سيحكمون، وأى أجهزة وقطاعات ستعمل معهم، هل يستوردون شعبا من غزة والدوحة واسطنبول؟!.
على جماعة الإخوان أن تفكر مليا فى سر تصاعد الغضب الشعبى ضدها، كيف منحهم هذا الشعب ثقته بقوة طوال العامين الماضيين ثم انقلب عليهم انقلابا شاملا. الذى انقلب على الإخوان الشعب وليس الجيش.