إنجاز كرة اليد أكبر مما نرى..!
حسن المستكاوي
آخر تحديث:
الإثنين 19 أغسطس 2019 - 10:40 م
بتوقيت القاهرة
** جلس ملايين المصريين والعرب يتابعون بأمل وحلم منتخب مصر لكرة اليد وهو يخوض المباراة النهائية لبطولة العالم للشباب تحت 19 سنة أمام نظيره الألمانى، وأظن أن العقول كانت تسأل نفسها: هل نستطيع؟ لم يكن السؤال هل يستطيع الفريق، وإنما هل نستطيع نحن لأن الفريق هو نحن..
** هل يمكن أن يهزم منتخب مصر الفريق الألمانى بما هو معروف عن الشخصية الألمانية العنيدة والقوية؟
** فاز منتخب مصر وتفوق على فريق قوى قدم مهارات جماعية وفردية مميزة، إلا أن الفراعنة الصغار كانوا أفضل خططيا وتكتيكيا وبدأوا المباراة بقوة، وتقدموا بفارق لا بأس به من الأهداف. ولكن الأعصاب توترت خلال الشوط الثانى حين سجل منتخب ألمانيا 6 أهداف مقابل 4 لمنتخب مصر، فداعب الشك واليأس القلوب إلا ان فريقنا الشاب جعلها مجرد مداعبة..
** منتخب كرة اليد للشباب تحت 19 سنة فاز ببطولة العالم وقبل ايام فى شهر يوليو حصل منتخب مصر لكرة اليد أيضا على المركز الثالث فى بطولة العالم للشباب تحت 21 سنة (هذا هو الاسم الرسمى للبطولتين).. وإنجاز المنتخبين يعكس تخطيطا وعملا عمليا من جانب مجتمع اللعبة، اتحاد وأندية وجهاز تدريب واللاعبين، وهو استمرار لما بدأ من 30 عاما بجهد دكتور حسن مصطفى رئيس الاتحاد الدولى للعبة حاليا حين كان رئيسا للاتحاد المصرى، بأفكاره التى كانت خارج الصندوق مثل مشروع العمالقة، وفرض لاعبين فى فرق الأندية يلعبون باليد اليسرى، وأيامها داعبته حين كتبت أنه «قراقوش» كرة اليد الذى سوف يحرم أكل الملوخية على اللاعبين قريبا!
** قراقوش بالمناسبة، شخصية حقيقية، وقد كان أحد وزراء صلاح الدين الأيوبى فى مصر، ، واسمه بهاء الدين قراقوش، ويقال إنه كان عادلا وقويا وليس ظالما كما أشاع البعض..!
** فوز شباب 19 سنة لكرة اليد ببطولة العالم وقبلهم فوز شباب 21 سنة بالمركز الثالث فى بطولة العالم إنجاز رياضى جماعى عظيم، فى وسط رياضى عالمى تغير تماما وانتقل من زمن من صناعة الحركة بقوة البخار إلى عصر الذرة، ومن قانون قوة الدفع الذى صنع المحرك النفاث إلى زمن الوقود الجاف ووقود الأكسجين السائل الذى يدفع الصاروخ ومن سرعة الضوء إلى الفيمتو ثانية.. ومن عصر «القوة الفطرية» فى الرياضة انتقل العالم إلى صناعة الأبطال بكل ما فى الصناعة من مواد خام وهى المهارات والبشر وعلم وتطوير وتكنولوجيا وجودة وجدية وإخلاص ومال وقدرات مادية، وإدارة علمية.
** الرياضة المصرية حققت إنجازات كبيرة ومتكررة على المستوى الفردى وفى لعبات مختلفة، وهو مؤشر لمرحلة جديدة ليست كما كان الحال قديما مرتبطة بالفطرة والصدفة أو بتوفيق فرد وإنما هى مرحلة مرتبطة بتنظيم مجتمع. إن التفوق على المستوى العالمى والدولى يعنى الوجود على منصات التتويج معظم الوقت مثل بئر ماء تفيض وتروى مع كل دورة أو بطولة.
** لقد أصبحت الأندية هى المكان الطبيعى لإفراز المواهب، وهى جوهر الحركة الرياضية المصرية الآن. وتمثل القاعدة العريضة للممارسة من خلال الأعضاء وأسرهم. وقد انتشرت فى الأندية المصرية مدراس اللعبات المختلفة التى يشارك بها أبناء الأعضاء نظير مصروفات شهرية وهذا بديل لا بأس به لدور الرياضة فى المدارس المكلفة الآن بنشر معانى وقيم الرياضة وأهدافها الحقيقية بعد أن ضاقت الساحة على الممارسة، واسألوا اتحاد كرة اليد عن دور الأندية التى وضعت الأساس وقدمته ليمارس الاتحاد دوره العلمى فى الإعداد للبطولة العالمية.
** إن القضية التى يجب أن تشغلنا فى السنوات القادمة هى كيفية بناء رياضة حقيقية وتوسيع قاعدة الممارسة فإنجاز كرة اليد أكبر مما نرى.