أقلية

غادة عبد العال
غادة عبد العال

آخر تحديث: الأحد 19 سبتمبر 2010 - 10:51 ص بتوقيت القاهرة

 خلال وجودى فى أمريكا فى هذه الفترة العصيبة التى تتوافق مع ذكرى الحادى عشر من سبتمبر كنت أبحث فى قنوات التليفزيون فلا أسمع سوى الحديث عن الإسلام والمسلمين، لكنه حديث يختلف تماما عما اعتدت على سماعه فى المناسبات الدينية، فلا هو الاحتفال بليلة القدر ولا هو الاحتفال برؤية هلال شوال، لا أغانى دينية ولا فيلم «رابعة العدوية» أو «الشيماء» أو «هجرة الرسول»، بل هى حوارات تدور ليلا ونهارا، لا يصل أحدها إلى نتيجة أو نهاية لكن يظل الجدل مستمرا..

هل نسمح ببناء مسجد بقرب موقع مبنى التجارة العالمى؟ هل فى الموافقة على ذلك إهانة لذكرى ضحايا الحادى عشر من سبتمبر؟ هل فى معارضة ذلك خيانة لمبادئ أمريكا؟ هل سنقف متفرجين على دعوات حرق القرآن؟ هل نعارض فنكون معادين لحرية الرأى؟ هل نقف مكتوفى الأيدى فتتعرض قواتنا فى الخارج للخطر؟ هل الإسلام مرادف للإرهاب؟ هل يجب علينا طرد كل المسلمين من أمريكا؟ هل يجب علينا الترحيب بقدوم المسلمين لأمريكا؟ هل تحارب قواتنا فى العراق وأفغانستان الإرهاب أم تراها تحارب الإسلام؟.. هذا بالإضافة لأكثر الأسئلة إثارة للجدل.. هو أوباما مسلم والا لأ؟

إذ يؤمن 20% من الأمريكيين أن أوباما مسلم والنسبة فى تزايد مستمر وهو ما قد يهدد فرص نجاحه فى الانتخابات القادمة!.. عن الإسلام والمسلمين تحدثت نشرات الأخبار وبرامج «التوك شو» بل حتى الأعمال الدرامية.. متهيألى إنى اتفرجت على برامج وحوارات عن الإسلام فى القنوات الأمريكية أثناء وجودى هناك فى الفترة دى أكتر من اللى اتفرجت عليه فى عمرى كله فى تليفزيوننا الموجود فى دولة إسلامية.. وكتر التركيز يربى الهواجس أحيانا..

أحلامى التى وجدت فيها مروة الشربينى - رحمها الله - بصفة مستمرة.. السير فى الشارع الذى أصبح بالنسبة لى مشكلة رغم تأكيد الجميع بأن أهل الولاية التى أوجد فيها مسالمون وبالتعبير الأمريكى عندهم «عمى ألوان» بمعنى أنهم لا ينظرون للون بشرة الإنسان وإنما ينظرون للإنسان ذاته.. لكن الأمر ما بيسلمش من نظرة هنا ونظرة هناك.. تعامل قد يبدو ألطف من اللازم.. ابتسامة ثابتة المحيط وحديث سريع وكأن اللى بيكلمك مش عايزك تقف قدامه أكتر من كده لأن وقوفك قدامه مسببله «شعور» بعدم الراحة.. أسئلة خجولة عن الإسلام ووضع النساء والحجاب تحمل فى طياتها إشارات بمعنى.. إيه البتاع اللى انتى حطاه على دماغك ده؟.. مش عيب واحده مثقفة تعمل كده؟..واستفسارات عن أمور قد تبدو مضحكة ولكنها استفسارات تشعرك أنها تحمل فى طياتها تحاملا ما.. عن الصيام والصلاة والحجاب والشريعة وحكم الرجم وحد الزنى وحرية العقيدة وحرية الرأى..

ومن ناحية أخرى قد لا تحمل تلك الأسئلة فى طياتها التحامل الذى أتخيله فقد تنم فقط عن الفضول وعن ناس عايزين بجد يفهموا.. فالأغلبية هناك فى حالهم ماحدش بيسأل ولا بيهتم وجايز جدا إن اللى بيسأل ده عايز يزود معرفته ويفهمك بشكل أصح.. لكن ربما تركيز وسائل الإعلام هو اللى حسسنى بشعور الأقلية المضطهده حتى وإن لم أتعرض لموقف واضح يدعم هذا الإحساس.. يظل مجرد إحساس يجعلنى أتعاطف مع كل الأقليات فى بلدنا اللى أكيد أحيانا بيحسوا بنفس الإحساس..

مش ضرورى يتوجهلهم أذى مادى محسوس عشان يحسوا الإحساس ده.. تكفى التلميحات والنظرات والتأفف فى المعاملة والشك الدائم فى النوايا.. عزيزى المضطهد والمتأفف والمتعامل بتعالٍ وتحامل مع من يعتبرون أقليات فى مجتمعنا.. ما الحياة إلا لعبة للكراسى الموسيقية.. النهارده أنت من الأغلبية اللى قاعدين مستريحين.. مين عارف بكره أكيد هييجى يوم وتحس إنك من الأقلية اللى واقفة وحاسة إنها بره اللعبة.. ما تستبعدهاش وتقول مش هيحصل.. كل واحد ليه يوم يا صاحبى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved