نظريات فى البطولة والأبطال!
حسن المستكاوي
آخر تحديث:
الأربعاء 19 أكتوبر 2022 - 7:40 م
بتوقيت القاهرة
** هل هى حقا طبيعة البشر؟ هل البطل يمكن أن يفوز بالحب والتقدير والإعجاب وفى يوم ما وفى ظرف ما وفى لحظة ما يمكن أن يفوز بالكراهية أو بمحاولات الإيقاع به وعرقلته؟
** الأمر يتوقف على سلوك البطل، وعلى قدر تواضعه فى مواجهة الإعجاب والتقدير والاحترام؟ فهذا هو وقود الحب والمحبة، بينما التعالى أو الغرور يدمر هذا الحب، ويدمر البطل.
** يقول علماء الاجتماع، البطل الرياضى يحظى بالإعجاب والتقدير لأنه المثل والقدوة، ومثل البطل فى السينما يندمج المتفرج فى الدراما ويرى نفسه بطلا فى السباحة أو الجرى أو الجمباز أو كرة القدم، فيكون انتصار اللاعب أو الفريق هو انتصار للمتفرج والمشجع.
** وتشجيع الناس للكرة بأنه كالتعبير عن الانتماء ومظهر له، فالإنسان لابد أن ينتمى إلى أشياء معينة أحيانا بإرادته وأحيانا أخرى بالرغم عنه، فهو ينتمى إلى أسرة ثم مدرسة ثم عمل ثم أسرة جديدة، وهو منتمٍ إلى وطن والى نقابة والى نادٍ. وجمهور الكرة يشعر بدافع الانتماء ويجد مجالا فى تشجيع نادٍ معين والتحمس له، وعندما يختلط بناديه ومشجعيه ويصبح ممثلا له متقمصا لشخصيته، يفرح بانتصاره، لانه يشعر بأنه انتصار له هو فى النهاية.
** يظل الإعجاب بالبطل قائما ما دام يقدم شيئا يعبر عن تعاظم القدرة البشرية أو يقدم شيئا ممتعا، لكن الطبيعة البشرية تتفاعل مع الأضعف، وتؤيده يوم ينتصر على الأبطال شريطة أن يقدم ما قدمه البطل من مفاجآت ومتعة. لكن هناك أبطال يفوزون بالكراهية فعلا سواء أفراد أو فرق. ويتوقف ذلك على سلوك هؤلاء وطبائعهم.
** فى تاريخ البشرية يسقط الأبطال الدائمون، حين يفقدون القدرة على التطوير، والتجديد، ويفقدون تواضعهم. إلا أن الأمر يمكن أن يرجع لظروف اقتصادية وسياسية ومالية، مثل ما حدث لأبطال عظماء من نوعية محمد على كلاى وتايسون ومايكل فيلبيس، وبولت، وغيرهم ممن طالت أزمنة بطولاتهم، وخسرت اللعبات جمهورها لأن المنافسة قتلت، ولذلك ولدت ظاهرة القطبية فى كل لعبة وفى كل مجال.
** هل نكره البطل أم نكره النجاح؟
** انظر حولك، قد تدرك الإجابة. سوف ترى أن الذين أدمنوا الفشل، وأنصاف المواهب، والذين لا يملكون موهبة على الإطلاق، هم المحاربون والمقاتلون وأصحاب الصوت العالى فى مواجهة النجوم والأبطال.. ونحن ننفرد بجملة نتداولها فى الصالونات وفى المقاهى لها دلالات، وهى: «اجعل لنجاحك سقفا.. لا تنجح جدا، حاول أن تنجح قليلا.. بماذا تفسرون ذلك؟!
** خوفا من الحسد أم درءا للحرب.. الحرب التى يقودها الفاشلون، وغير الموهوبين، والتنابلة، والبلداء.. ولذلك تبدلت وتغيرت معايير النجاح ومفاهيمه.. أصبحت الثروة والمال والسلطة والمنصب مقياسا للنجاح.. وتجلت ظاهرة الهبش والنبش والتهريج، والبلطجة البدنية والعقلية واللفظية، وظهرت علوم جديدة من نوع: «السببلوجى»، و«الفبروكولوجى»، والبلطجيولجى».. ولم يعد النجاح يقاس بقيمة العمل، وبتأثيره، ولم يعد يقاس بالإبداع وبالابتكار، ولم يعد يقاس بالتعب والجهد وبالعرق، ولم يعد يقاس بالسعى إلى العلم والمعرفة، لم يعد النجاح تسليما بقيمة الموهبة والأداء، ولم تعد البطولة تسليما بالتفوق، وتجلت ظاهرة البحث عن أسباب غير مشروعة للانتصار وللنجاح: حكم مباراة. مجاملة. واسطة. مؤامرة. برد. حرارة. فلابد من سبب للهزائم والانكسارات، ولابد من أسباب لمشاريع النجاح والبطولة، إلا العمل والدراسة والبحث والمذاكرة والتدريب والاجتهاد، والجدية، والتعب. والعرق. وهذا خطر داهم على أى مجتمع؟!