صناعة الدواء فى مصر
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الإثنين 19 نوفمبر 2012 - 8:55 ص
بتوقيت القاهرة
قبل أن تنتشر صناعة الدواء فى العالم فيمكن شراء نفس الدواء فى أى مكان، كان فيه متاحا برع الأطباء المصريون فى تركيب الأدوية.
مازال العلم يقف ذاهلا أمام تلك الموميات التى تقاوم الفناء بثبات يثير الدهشة ويتحدى قوانين الطبيعة. فإذا انتقلنا إلى التاريخ الحديث تداعى إلى الذهن أسماء أطباء لا تخطئهم ذاكرة - متى وعت - عالجوا مرضاهم بأدوية قام الصيادلة بتركيبها فى دقة متناهية تضمن الشفاء والسلامة. وحينما بدأت ثورة إنتاج الأدوية فى مصانع ضخمة تملكها شركات عملاقة لم تتأخر مصر إلا قليلا فبدأت لدينا صناعة وطنية للأدوية كان لها أن تغطى احتياجات البلاد وما يجاورها من دول عربية شقيقة. فما الذى يحدث الآن ولماذا هذا التراجع فى صناعة الدواء إلى الحد الذى يعرضنا لأزمات حقيقية تختفى فيها أدوية لا يمكن بحال الاستغناء عنها كأدوية أمراض شرايين القلب التاجية والسكر والسرطان وغيرها؟
قضية بلا شك مهمة ولها أولوية مطلقة إذا ما فكرنا فى بداية حقيقية لما نتمناه لبلادنا من نهضة فى تلك الحقبة الظالمة المظلمة من تاريخنا.
كان لى أن أنصت هذا الأسبوع لأحد علمائنا المغتربين: الدكتور ماجد أبوغربية مدير مركز أبحاث اكتشاف الأدوية بكلية الصيدلة بجامعة تمبل بنسلفانيا يلقى ضوءا كاشفا على أبعاد المشكلة.
يرى الدكتور أبوغربية أن مصر لا مكان لها ولا موقع على خريطة البحث الدوائى العالمى وأن صناعة الدواء فيها تفتقد إلى مناهج البحث العلمى ولا تعرف الابتكار. يشير أيضا إلى أن صناعة الدواء فى بلادنا قد اقتصرت فى الأعوام الماضية على إنتاج الأدوية البديلة التى لا يحتاج إنتاجها لإجراء أى أبحاث إنما تتوافر تركيبتها بلا عناء يبذل.
ضرب الدكتور أبوغربية مثلا بمرض الالتهاب الكبدى الوبائى الذى يسببه فيروس «سى» الذى ينتشر فى أعلى نسبة عالميا بين المصريين متسائلا عن سبب غياب الأبحاث العلمية الجادة التى يجب أن تجرى على السلالة التى تحمل رقم 4 بين سلالات الفيروس بينما الأبحاث تجرى فى العالم على السلالات الأخرى فى سرعة تسابق الزمن بحثا عن علاج.
إن هناك سبعة وأربعين مشروعا لأدوية مختلفة التأثير تستهدف علاج مرضى فيروس سى من السلالة الثانية التى يعانى منها الإنسان فى أوروبا وأمريكا.
يرى عالم الدواء مصرى الأصل أن الحل لدى شركات الدواء فى القطاع الخاص شرط ألا تتعجل الحصول على أرباح مادية حتى وإن كان إنتاج دواء واحد قد يكلف الشركة المنتجة له ما يزيد على المليار دولار وأن التجارب البحثية قد تستمر لسنوات تزيد على العشرة.
رغم أهمية حديث د. أبوغربية إلا أننى أرى أن أهم ما جاء فيه هو انطباعه عن مكانة البحث العلمى فى مصر: لدينا كوادر يمكنها أن تنهض بمشروعات أبحاث الدواء العلمية وعقول لها أن تنفذها بعلمية وحرفية عالية لكن المناخ المصرى لا يدعم العلم ولا العلماء، السياسة التى يجب تغييرها بحسم!