«تعليمنا» فى العصر الرقمى
صحافة عربية
آخر تحديث:
السبت 19 نوفمبر 2016 - 11:30 م
بتوقيت القاهرة
على الرغم من أننا نعيش العصر الرقمى والانفجار المعرفى، وغزت بيوتنا ومكاتبنا وكل شئون حياتنا الأجهزة الذكية، فإنها لم تقتحم تعليمنا بالشكل المطلوب، وبالتالى لم يُستفد منها كما هو مأمول.
وثمة أمور كثيرة توجب علينا البحث والتقصى عن واقع التعليم حاليا الذى يشتكى المجتمع مما آل إليه من ضعف على كل المستويات، بدءا من البيئة المدرسية المترنحة التى تفتقد أدنى متطلبات عوامل الجذب، إلى المبانى غير المدرسية، وبخاصة المستأجر منها، مثل عدم وجود ساحة تستوعب طلاب المدرسة لمنحهم حرية الحركة، وبالتالى لا يوجد بها ملاعب ليمارس الطلاب الأنشطة الرياضية المحببة إليهم، ولا سيما كرة القدم، إذ نرى الطلاب لا يتغيبون عن المدرسة فى اليوم الذى فيه حصة بدنية، وممارسة كرة القدم عامل جذب للطلاب، إضافة إلى عدم وجود التجهيزات الإنشائية؛ مثل المظلات التى تقيهم الحر وتحميهم من البرد، والألعاب الترفيهية وغرف الخدمات، مثل الفصول التى تفتقد شيئا اسمه «فصل دراسى» لا كما ولا كيفا، وتجد فى بعض الفصول اللوحات الفنية، مثل صنابير المياه ومراوح الشفط وأثار المجلى ومواسير المياه المتوازيين، لربما استعان بهما المعلم بمثابة وسيلة معينة لتعريف طلابه بالمستقيمين المتوازيين، كل ذلك تجلى فى مشهد «بانورامى» يتحف الناظرين.
أما بالنسبة إلى الطالب، الذى هو محور العملية التعليمية والمستهدف الرئيس، نلاحظ أنه ما زال يحمل على ظهره أو فى يديه حقيبة تنوء بحملها ظهور الكبار، ولا يجد العوامل المحفزة الجاذبة، فأساليب التدريس تتموضع حول نفسها منذ زمن بعيد، وأصبحت من النظم البالية ومن الموروث الذى أصبح كالدمى المحنطة فى متاحف التاريخ، أضف إلى ذلك المعلم الذى يتحسر على الساعة التى انتظم فيها فى سلك التعليم، فانتظم عقله وهزل عوده وقلت قيمته وفقد هيبته وكثرت همومه فى حياة تجعل الحليم حيران، وتشظى بين مطالبها الأسرية والاجتماعية، ما أفقده التركيز على مهنته.
السؤال الذى يفرض نفسه: أين الاستفادة من الأجهزة الرقمية التى نصطدم بها من دون أن تهز شعورنا وعقولنا على المستوى الفردى والجمعى، بل تلاحقنا فى كل مكان ونحن ندير عنها وجوهنا وكأن الأمر لا يعنينا؟ وبعد ذلك تشتكى الجامعات من ضعف مخرجات التعليم العام، وهذا الأخير يشتكى من ضعف مخرجات الجامعات، وبدورها تقول: «هذه بضاعتكم ردت إليكم»، ونبقى ندور فى حلقة مفرغة! وكما هو معلوم؛ إذا نهض التعليم وارتقى نهضت الأمة وارتقت، والعكس صحيح، وطالما أن هذه حالنا فسنبقى على حالنا هذه إذا ما انحدر مستوى التعليم أكثر، وبالتالى هيهات هيهات أن تتغير أحوالنا، وقد تنزلق الأمة إلى مصير لا تحمد عقباه، فالبدار البدار من كل مسئول ومهتم بنهضة الأمة بأن يسرع لإصلاح منظومة التعليم فى بلادنا على كل المستويات، وما زلت أذكر عنوان كتاب: «أمة فى خطر» للمؤلف الأمريكى آلان بلوم، الذى أصدره عندما سبق الاتحاد السوفيتى أمريكا فى علم الفضاء فى ستينيات القرن الماضى، وبين فيه أن السبب هو تخلف التعليم فى أمريكا، وقتها أجبر الحكومة الأمريكية على مراجعة التعليم واستدركت الأسباب وتخطتها، ما أدى إلى تفوق أمريكا فى كل المناحى، وسبقت الاتحاد السوفيتى فى إنزال أول رائد فضاء على سطح القمر.
هل سنظل شاهدين سلبيين على واقعنا، ونلهث لاقتناء ما هو جديد رقميا، من دون الاستفادة منه وكأنه بضاعة استهلاكية؟
الحياة ــ لندن
خالد الحاجى