السينما والآثار
حسين عبدالبصير
آخر تحديث:
الإثنين 19 نوفمبر 2018 - 10:40 ص
بتوقيت القاهرة
تعتبر العلاقة بين السينما والآثار فريدة ووثيقة ووشيجة وحساسة للغاية. وتم تصوير الآثار وعلماء الآثار فى السينما منذ زمن بعيد؛ غير أنه لم يتم تصوير الآثار وعلماء الآثار فى السينما بشكل احترافى إلا فى أفلام قليلة جدًا.
وكان عقد الثمانينات من القرن الماضى هو البداية القوية للتعبير عن الآثار وعلماء الآثار في السينما بشكل كبير. ومن خلال هذا التركيز على الآثار وعلماء الآثار فى السينما، تم اجتذاب عدد كبير من الجمهور الذى تحول لعشق الآثار والتعرف إلى علماء الآثار وتقليدهم وحب مشاهد الآثار وعلماء الآثار عبر الأطياف السينمائية الساحرة للشاشة الفضية. وكان التعبير عن الآثار وعلماء الآثار فى السينما بشكل شعبي وترويجي غير فنى على الإطلاق.
***
وسيطرت السينما الأمريكية بآلتها الإعلامية الشعبية الكبيرة بسلسلة أفلام "أنديانا جونز" على عقول الملايين عبر العالم. وقام بتمثيلها النجم الأمريكي الأشهر هاريسون فورد وقام بإخراج عدد منها المخرج الظاهرة ستيفن سبيلبرج. وصدر أولها فى عام 1981 "غزاة الأرك المفقود". وفى هذا الفيلم الذى ينتمى لأفلام الحركة والإثارة، يقوم عالم الآثار والمغامر الدكتور "إنديانا جونز" من قبل الحكومة الأمريكية بالعثور على أرك العهد قبل أن يصل النازيون إليه. وثانى أفلام السلسلة هو "إنديانا جونز ومعبد الموت" (1984). وفيه يصل الدكتور إنديانا جونز إلى الهند. وتطلب منه قرية يائسة العثور على حجر يشكل أهمية بالنسبة لها. ويوافق. ويتعرف على عبادة سرية ذات أسرار خطيرة في سراديب الموتى فى القصر القديم. وثالث الأفلام هو "إنديانا جونز والحملة الصليبية الأخيرة" (1989). وفيه يذهب الأب الدكتور هنرى جونز فجأة فى عداد المفقودين أثناء البحث عن الكأس المقدس. ثم يتبعه ابنه عالم الآثار البارز "إنديانا" جونز لمنع النازيين من الحصول على الكأس المقدس.
***
وفى عقد التسعينيات، نصل إلى مرحلة أفلام الخيال العلمى الممزوج بالفانتازيا مع البعض القليل من الحقائق الأثرية. وكان فيلم "الحديقة الجوارسية" (1993) وما تبعه من أفلام وصولاً إلى آخر أفلام دكتور جونز، فيلم "إنديانا جونز ومملكة الجمجمة الكريستالية" (2008)، من أشهر أفلام هذه الاتجاه من إخراج ستيفن سبيلبرج.
ويعبر فيلم "ستارجيت" (1994) عن قضية جهاز نقل بين النجوم وُجد فى مصر ويؤدى إلى كوكب به بشر يشبهون المصريين القدماء الذين يعبدون الإله رع. ثم تصدر سلسلة أفلام المومياوات للمخرج ستفن سومرز. وكان أولها "المومياء" (1999) الذى يتناول قصة أمريكى يخدم فى الفيلق الأجنبى الفرنسى فى حفائر أثرية فى مدينة هامونابترا القديمة، فيوقظ بطريق الخطأ مومياء؛ فتقلب حياته وفريقه رأسًا على عقب. ثم فيلم "عودة المومياء" (2001) الذى يسرد قصة شحن جثة إيمحتب المحنطة إلى متحف فى لندن حيث يستيقظ مرة أخرى ويبدأ حملته من الغضب والرعب. وفيلم "المومياء: مقبرة الإمبراطور التنين" (2008) وتدور أحداثه فى الشرق الأقصى حيث يكشف ألكس أوكونيل، ابن مقاتلى المومياوات الشهيرين ريك وإيفى أوكونيل، مومياء أول إمبراطور هنا.
***
واحتلت أفلام الكتاب المقدس مكانة كبيرة فى أفلام الآثار. وظهر فيها الملوك أمثال سليمان مثل فيلم المخرج جوناثان فريكس "أمين المكتبة: العودة إلى مناجم الملك سليمان" (2006) الذى يحاول فيه أمين المكتبة المغامر فلين كارسن العثور على مناجم الملك سليمان.
وهناك من الأفلام ما يحث على الهوية الأمريكية مثل فيلمى "الكنز القومى" للمخرج جون ترتلتوب بطولة النجم الأمريكى الشهير نيكولاس كيدج. وفى الفيلم الأول "الكنز القومى" (2004)، يتسابق بطلنا المؤرخ للعثور على الكنز الأسطورى قبل فريق المرتزقة. وفى الفيلم الثانى، "الكنز القومى: كتاب الأسرار" (2007) يحاول بنيامين جيتس تتبع فكرة فى مذكرات جون ويلكس بوث لإثبات براءة سلفه من اغتيال الرئيس الأمريكى الأشهر إبراهيم لنكولن.
تعبر هذه الأفلام عن الآثار وعلماء الآثار من وجهة نظر أمريكية بحتة. وتميل غالبًا إلى التجارية والسطحية والإثارة، وتمثل الآثار وعلماء الآثار من خلال الفهم الأمريكى للأمور، وتدمج التاريخ التوارتى فى عدد كبير منها، وتستخدم الخيال العلمى. وتعبر عن الصحراء والشرق من منظور استشراقى واضح. وتخلط الحقيقة بالخيال والأسطورة من أجل صنع حبكة تجارية تخاطب الشباك وتداعب خيال الجماهير عبر العالم أجمع.
هى أفلام مثيرة وشيقة وممتعة، غير أنها بعيدة عن حقائق الآثار والعالم الحقيقى لعلماء الآثار.
مدير متحف الآثار- مكتبة الإسكندرية
الاقتباس
تعبر هذه الأفلام عن الآثار وعلماء الآثار من وجهة نظر أمريكية بحتة. وتميل غالبًا إلى التجارية والسطحية والإثارة، وتمثل الآثار وعلماء الآثار من خلال الفهم الأمريكي للأمور، وتدمج التاريخ التوارتي في عدد كبير منها، وتستخدم الخيال العلمي. وتعبر عن الصحراء والشرق من منظور استشراقي واضح. وتخلط الحقيقة بالخيال والأسطورة.