الرئيس دائمًا يخلف وعده

أحمد الصاوى
أحمد الصاوى

آخر تحديث: الأربعاء 19 ديسمبر 2012 - 9:20 ص بتوقيت القاهرة

يخلف الرئيس دائما وعده، اكتشف قضاة مجلس الدولة ذلك متأخرا جدا، أو ربما كانوا يعرفون عنه ذلك، وصدقوا أن لهم وضعا خاصا أو اعتبارا مختلفا، أو احتياجا يمنح الوعود الرئاسية مبررا نفعيا للتحقق.

 

انتهازية الجماعة لم تنتظر حتى تنتهى المرحلة الثانية من الاستفتاء، ثم تخرج لسانها لقضاة مجلس الدولة لـ«يموتوا بغيظهم»، لكنه بمجرد أن أخذت منهم جزءا من «وطرها»، عادت بانتهازية معتقدة أنها كما خدعتهم فى الأولى ستخدعهم فى الثانية.

 

يخلف الرئيس دائما وعده، هذا ليس رأيا ولا وجهة نظر، هذا إقرار واقع، معلومات وراء معلومات، ومواقف وراء مواقف، وتعهدات مسجلة وراء تعهدات، المسألة لم تعد لماذا يخلف الرئيس دائما وعوده، لكنها باتت كيف يخلف الرئيس وعوده فى كل مره، وكيف يجد تبريرا لذلك، أو يجد من يبررون له، الجرأة فى الدفاع عنه، والأهم كيف تصدق كل مرة «ضحية جديدة» خداعا رئاسيا مثل كلام الليل «المدهون بزبدة».

 

رهن قضاة مجلس الدولة موافقتهم على الإشراف على الإستفتاء، بوعد رئاسى بفك الحصار الذى يضربه أنصار الرئيس على المحكمة الدستورية، وبتغطية القضاة تأمينيا، الرئاسة وافقت ووعدت، وقبل الجولة الأولى بيوم قال رئيس الديوان إن المعتصمين سينسحبون من أمام المحكمة، فى تأكيد واضح عن من يحرك هؤلاء المعتصمين ومن يجلبهم.

 

انتهت المرحلة الأولى للاستفتاء، وعاد المعتصمون لحصار المحكمة، ولم يؤمن القضاة، وخرجت الجماعة تحتفى بعودة حصار المحكمة الدستورية، وتعتبره خطوة لابد منها لتأمين الاستفتاء وتمرير الدستور.

 

عرف قضاة مجلس الدولة أخيرا أن الرئيس دائما يخلف وعده.. انتظروا معاملة مختلفة من رئاسة تزعم حرصها على القضاء واحترامها لها، لكنها لم تحترم من مدوا الأيادى لمساعدتها فى إنجاز استفتاء على الدستور وسط مقاطعة كبيرة من باقى القضاة.

 

هل كان القضاة فى حاجة إلى تجربة مباشرة مع الرئاسة ليعرفوا، أن الوعود وحدها لا تكفى؟ وأن النظام الجديد تتبدل مواقفه من القضايا والمؤسسات والأشخاص كل يوم، وتتغير معطياته، ويرهق أنصاره فى تبديل مواقع الأصدقاء إلى أعداء إذا ما اتخذوا مواقف مناوئة، ويسهب فى تحويل المديح إلى ذم، ويعيد ترتيب أعداء فى خانات الأصدقاء لأنهم دخلوا الحظائر.

 

لو تدبر القضاة قليلا فى برنامج السيد الرئيس الانتخابى، لعرفوا أنه أخلف وعودا كثيرة تعهد بها للناس، لو تابع القضاة حملة السيد الرئيس الانتخابية لعلموا أنه وعد أم الشهيد علاء عبدالهادى ورفاقه فى قوافل الشهداء بالحقوق والقصاص، ولعلموا أنه وقف أمام الكاميرات وسط شركاء الثورة يتعهد بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، ووقف أمام الكاميرات فى نقابة المحامين يتعهد بعدم طرح الدستور للاستفتاء إلا لو وجد عليه توافقا.

 

تدعو الرئاسة الأطراف المختلفة لحوار وطنى، هذا كلام إعلامى جيد، لكن أى حوار، وبأى درجة من درجات الثقة، ومن يضمن بعد بلوغ نتائجه أن تجد طريقها للتنفيذ، والرئيس دائما يخلف وعده؟!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved