من موافى إلى «المخبر»: «جاتكم القرف الشغلانة باظت»
محمد سعد عبدالحفيظ
آخر تحديث:
السبت 19 ديسمبر 2015 - 11:25 م
بتوقيت القاهرة
نفذ العميل موافى، مهمته كضابط «إيقاع» للسياسيين الأجانب الذين كانوا يزورون القاهرة فى ستينيات القرن الماضى، عبر استدراجهم إلى فراش المتعة، وتسجيل لحظات النشوة مع الفنانات بـ«الصوت والصورة»، لاستخدامها فى «مهام وطنية وقومية»، ــ على حد تعبيره ــ فى التحقيق الذى أجرى معه عقب هزيمة 1967.
المهمة «كونترول»، أو السيطرة من خلال العنصر النسائى، التى تم تكليف الرائد محمد صفوت الشريف أو العميل موافى بها. لم تستغل نتائجها، ولم يشهر بأصحابها، أو تعرض صورهم على صفحات الجرائد، وحفظت فى الأرشيف، وعوقب موافى وحكم عليه بعامين سجنا فى تلك القضية.
مَنَّ الله على «موافى» فى عهد «المؤمن» أنور السادات، بعد أن أعطى «كتفا فضائحيا»، للدكتور مرسى سعد الدين رئيس جهاز الاستعلامات، وتمكن من خلافته فى رئاسة الجهاز.
وفى عهد «الراجل البركة» أبو علاء، مَنَّ الله على «الشريف» وأصبح وزيرا للإعلام.. أعاد موافى فتح «الكونترول»، للمعارضين لنظام مبارك، لكنه لم يكن يستخدم نتائجه على الهواء مباشرة، «كبيره» كان يستدعى المعارض ليشاهد نفسه أو يستمع إلى مكالمته الهاتفية، «واللى خايف مايتكلمش» على حد تعبير «خالد الذكر» حبيب العادلى، ليخرج بعدها معارضا «كده وكده».
كان أقصى ما يمارس فى العلن، ويتابعه المواطن على الهواء، هى «وصلات الشوشرة» التى كان يحاصر بها «الشريف» أصحاب الرأى، منها على سبيل المثال البرنامج «اللزج» «حالة حوار» لصاحبه الزميل عمرو عبدالسميع.. وفى المعارك الموسمية كان موافى يطلق «فتواته» للرد على الخصوم فى الفضائيات.
لم يتجاوز «فتوات الشريف» الخطوط الحمراء، ولم يرتكبوا الفواحش والجرائم على قارعة الطريق، حتى صعد «صبيان الوريث» سطح الحياة العامة، بعدما أعطوا للحرس القديم «شلوتا» إلى أعلى.. «القوالب نامت والأنصاص قامت».
خاض «الأنصاص» فى الأعراض، ورموا المحصنات، وشككوا فى الذمم، بهدف اغتيال المعارضين معنويا، حتى لا تقبل منهم كلمة، فهذا «شاذ»، وذلك «خمورجى»، والثالث «نسونجى»، والرابع «يمول من صدام والقذافى»، والأخير «زوج ابنته لمسيحى»، ووصل الأمر إلى اتهام زوجة أحدهم بمعاشرة كلابها.
«النهش» ظل فى إطار كلمات مكتوبة على صفحات جريدة حكومية صفراء مولها رجل الحديد، لم يتجاوز توزيعها الـ1500 نسخة، وانتهى الأمر بسقوط «الأنصاص» مع مشروع «التوريث» بميدان التحرير، فى 25 يناير 2011.
لم يكن أحد يتخيل أو يحلم يوما، أن نترحم على أيام «فتوات الشريف»، أو «أنصاص جيمى»، لكن بعد أن أصبح المخبرون إعلاميين ومذيعين مقربين من نظام الرئيس السيسى، فاستبدلنا «الذى هو أدنى»، بقاع «الباكبورت»، وطفحت علينا من شاشات «بارونات الأراضى والسيراميك» صور جنسية وألفاظ «أبيحة» وسب «ميتين»، وأصبح نهش الأعراض، واقتحام الحياة الخاصة «على عينك يا تاجر»، ودون رقيب أو حسيب.
عرض المخبر الصحفى أحمد موسى الأسبوع الماضى صورا منسوبة للمخرج خالد يوسف، على سرير المتعة، بعد أن أعلن نائب كفر شكر، عن رفضه الانضمام لائتلاف «دعم الدولة» الذى يقوده اللواء سامح سيف اليزل، مؤكدا أنه سيتصدى لأى محاولة لتعديل الدستور.
نال المخبر الصحفى حظه من الهجوم، لعرضه تلك الصور، فخرج علينا فى اليوم التالى، متبجحا، ليقول «أنا مابخافش.. مش كل الطير اللى يتاكل لحمه»، ويهدد بأنه «هيقلب الترابيزة على الكل».. «اقلبها يا أحمد.. خليك عند كلمتك واقلبها.. الشعب يريد قلب الترابيزة.. عايزين نعرف إيه اللى تحتها».
على هامش افتتاح مصنع سماد فى الفيوم صباح الخميس قال الرئيس السيسى: إنه يتأذى من حالة الاشتباك التى يراها أحيانا على الشاشات، مشيرا إلى أن الحالة الإعلامية فى مصر ليس لها مثيل فى العالم، وأضاف:«لا يعتبر صمتى رضا، لكننى أريد أن تكتمل التجربة».
الرئيس غير راض عن عرض صور جنسية، واقتحام الحياة الخاصة، ونهش الأعراض على الشاشات، ومع ذلك يسمح لـ«الهبيشة»، بمرافقته فى معظم رحلاته للخارج، بما يفهمه البعض أنهم محسوبون عليه.. السيسى غير راض، ومع ذلك «فوت» تهديد أحمد بقلب الترابيزة على الكل، كما «فوت» تهديد النائب مرتضى منصور بـ«قلب الدنيا لو اتكلم.. جرى إيه يا سيسى». علي حد تعبير النائب.