هل التسامح كافيا للحوار بين الأديان؟
الأب رفيق جريش
آخر تحديث:
السبت 19 ديسمبر 2020 - 8:35 م
بتوقيت القاهرة
أصبح مألوفا أن نقرأ تعبيرات مثل: التسامح – المسامحة – العيش المشترك – الأخوة فى الوطن وما إلى ذلك من تعبيرات تصف العلاقة بين الإسلام والمسيحية والحوار بينهما، وعلينا أن نقر أن جهودا كبيرة جرت فى السنوات الأخيرة من قبل المؤسسات الدينية لتعزيز الحوار بينهما وقد أثمرت هذه المجهودات بتأسيس بيت العائلة فى مصر التى تضم الأزهر الشريف والكنائس المصرية المختلفة، تعمل على نشر التسامح والعمل المشترك فى خدمة الوطن ثم تكللت هذه الجهود بوثيقة الأخوة التى وقعها قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان والإمام الأكبر شيخ جامع الأزهر الدكتور أحمد الطيب وفى أبو ظبى منذ سنة ونصف التى أصبح لها لجنة تنسيقية دولية كما أصبحت وثيقة من وثائق الأمم المتحدة. ولكن يبقى تساؤل «هل التسامح كافيا للحوار بين الأديان»؟
«لا أظن أن كلمة التسامح تكفى فى مسألة الحوار بين الأديان»، هذا ما أكده المطران إيفان يوركوفيك، المراقب الدائم للكرسى الرسولى لدى الأمم المتحدة فى جينيف وفسر بأنها أبعد من مجرد كلمة بل هى السعى إلى الإثراء المتبادل، وذلك أثناء لقاء فى جدة فى المملكة العربية السعودية. بدعوة كريمة وجهها الدكتور محمد بن عبدالكريم عيسى، الأمين العام للرابطة الإسلامية العالمية، وشارك فيها ممثل الفاتيكان فى تقديم كتاب «تعزيز الحوار بين الثقافات والأديان كأداة للسلام والأخوة».
فنزاعات التطرف متزايدة وتزيد من الأنانية والفردية والانغلاق ومن هذا المنطلق أصبحت «الأخوة ضرورية» على أرض الواقع، فالمشكلة الكبيرة اليوم بالأخص هى أن غالبا ما نختبر الاختلافات وقد تصل بنا إلى الصراع، لكن الاعتراف بالأخوة المتبادلة والعمل بها يمكن أن يغير هذا المنظور ويرفض النزاعات.
ولكى نهدف إلى تحقيق السلام، من الضرورى أن تنتصر العدالة وهى تفرض احترام حقوق كل إنسان، فإن الركيزة الأولى فى المجتمع هى حماية حقوق الإنسان الأساسية وهى مهمة للمجتمع بأسره. فلا يوجد حوار إن لم تحُترم كرامة الإنسان وأولها الحرية الدينية كأحد أهم الحقوق الأساسية المصانة لأنها تنشأ من الحاجة المتأصلة للرجال والنساء بتغذية عقولهم وقلوبهم واختيارهم الحر للتعبير عن علاقتهم مع الله سبحانه وتعالى.
وحذر المطران إيفان فى ذات هذا المؤتمر من أن «التسامح السطحى لا يكفى بل إنه يحمل فى الواقع دلالة سلبية»، كما لو كان على المرء أن يدعم الآخرين بدلا من مواجهة الاختلافات.
وتابع: «نحن مدعوون إلى ما هو أكثر من التعايش السلمى مشجعا على السعى إلى الإثراء المتبادل من خلال الحوار. ومن دون حوار لا يمكن إزالة حواجز التحيز والشك وسوء الفهم».
الحوار يقوم على حركتين: الإصغاء والتحدث لكى يتم إثراء كلا الجانبين فى الحوار يجب أن يكون لكل منهما الحق فى الكلام.. وواجب الإصغاء إلى ما يقوله الآخرون والعكس صحيح.
إن السلام ليس حلما ولا نظرية، السلام ممكن وبنيان السلام ليس حصرا على القادة بل إنه متجذر أيضا فى علاقات يومية ملموسة أو كما نسميه الحوار الحياتى الذى يبحث دائما عن احترام الآخر وإيجاد القيم المشتركة والعمل على تطبيقها وعيشها فى الحياة اليومية.