قضايا البنات


رضوى أسامة

آخر تحديث: الأربعاء 20 يناير 2010 - 3:29 م بتوقيت القاهرة

 يشغلنى موضوع التعامل مع المراهقين منذ فترة، وأفكر فى القاسم المشترك بين أغلب الذين يترددون على العيادة من المراهقات وهو عبارة «لا أحد يفهمنا»، وأتفهم فى نفس الوقت مشكلة الآباء الذين يشعرون بارتباك شديد إزاء مراهقة أبنائهم، ويتحدثون فى الجلسات عن فشلهم فى إقامة علاقة دافئة بأبنائهم فى هذه السن.

منذ أيام كنت أتحدث مع صديقة عن بعض المشكلات التى تعانى منها ابنتها والمتعلقة بشكل أساسى بالعلاقة بينهما، وذلك بالطبع بعد أن استأذنت البنت فى التحدث مع أمها، لكن الأم أخبرتنى بشكل غاظنى أنها سعيدة أن البنت تحدثت معى وينبغى أن أستمر فى تنمية هذه العلاقة، لأنها غير مستعدة لعمل المزيد وفشلت فى ذلك أكثر من مرة.

من ضمن ما اقترحته عليها قراءة كتاب صدر مؤخرا بعنوان: «سن المراهقة ــ استكشاف القضايا التى تواجهها المراهقات وبراعة التخطيط لمساعدتهن» لجينى أولسون وهو صادر عن دار الكلمة، والكتاب يتضمن جزءين أحدهما للذكور، والآخر للإناث، وأود أن أشارككم بعض صفحات هذا الكتاب، خصوصا أنه يتحدث بلغة بسيطة عن مشكلات يومية يعيشها المراهقون وكيفية مساعدتهم.

من الموضوعات التى تناولها الكتاب موضوع الهوية وكيف يكتسب المراهق هويته الخاصة، وتتحدث أولسون عن أنه من الطبيعى أن تجد فتاة وقد ظهرت برداء أسود أنيق وفى المرة التالية تجدها بقميص قطنى أو بلوفر شبابى، فهى تجرب شخصيات مختلفة تظهرها للناس لترى أيا منها سيعجبها وما الذى سيحظى بردود أفعال إيجابية من الآخرين، وتؤكد أولسون حسب نظرية عالم النفس إريكسون أنه عند وصول الفتاة إلى أواخر مرحلة المراهقة وأوائل العشرينيات يجب أن تكون قد اختارت معتقداتها وأهدافها فى الحياة والتزمت بها.

كما تحدث الكتاب، أيضا، عن نقطة فى غاية الأهمية وهى العوامل المؤثرة على تطور الهوية، وهو الأمر الذى لا يرجع فقط لمحيط الأسرة والأصدقاء بل يرجع أيضا لوسائل الإعلام المفتوحة والانترنت، والمحصلة فى النهاية رسائل متنوعة تصل للمراهق يناقض الكثير منها بعضه بعضا.

فمثلا تصل للفتاة رسالة تقول: «لا تجعلى من حياتك الجنسية الشىء الوحيد الذى يميزك لكن اهتمى بأن تكونى مغرية وجذابة للشبان»، أو: «أحبى جسمك كما هو لكن احرصى على أن تكونى رشيقة وطويلة». وأعتقد أن دور الأهل مهم وحيوى جدا فى هذه الرسائل، فعلى الرغم من ذلك التناقض الذى يحصل عليه المراهق، فإن الأهل هنا هم من سيساعدونه على مناقشة كل هذه الرسائل واكتشاف تناقضها، ليس بإملاء آرائهم بل بالاستماع إليهم.

يتحدث الكتاب، أيضا، عن الاكتئاب بوصفه يحدث بشكل أكثر للإناث فهن أكثر عرضة له، فما إن تصل الفتاة إلى سن الخامسة عشرة حتى يعادل احتمال إصابتها بالاكتئاب ضعف احتمال إصابة البنين به. وعلى الرغم من أن المراهقات يجب أن نخبرهن أن المشاعر الحزينة والسلبية ستزورهن أحيانا، حتى لا يشعرن بأنهن فريسة لأشياء غريبة، فإننا يجب أن نستمع إليهم ونفهم مصادر حزنهن.

أتذكر إحدى البنات فى العيادة وهى تحكى لى عن أن أمها تقوم بدور الخبيرة دوما وعندما تشعر بالحزن تنتظر منها أن تقول لها إن ذلك يحدث كثيرا فى مرحلة المراهقة وأن تلك المشاعر طبيعية وتسبق الدورة الشهرية، لكنها على حد قول البنت لم تكلف خاطرها مرة واحدة بالاستماع إليها لتفهم سبب ما تعانيه.
وتتحدث أولسون فى كتابها عن بعض إستراتيجيات مساعدة البنات المكتئبات قائلة إنه من الضرورى ألا نكتفى بالاستماع إلى كلماتها فحسب، بل لابد أن نصغى إلى ما يصدر عنها من إشارات غير لفظية.

ماذا تقول لغة جسدها؟ وبينما تصغين إليها ميلى بجسدك إلى الأمام حتى تبينى اهتمامك، فهى بحديثها معك تدخل نوعا من المخاطرة، وإذا شعرت أنك غير مهتمة فلن تنفتح عليك بل نلتزم بالتواصل بالعينين حتى لو كانت هى تتجنب النظر إلى عينيك، ولنطرح عليها أسئلة مفتوحة تتطلب الإجابة أكثر من مجرد نعم أو لا، ونحترس من إصدار أحكام على إجاباتها أو انتقادها.

الكتاب ملىء بعشرات القضايا التى تخص المراهقات كالقلق وبعض المسائل الوجدانية الأخرى ومسائل الشئون العائلية وقضايا الإيمان والصداقة. بالفعل نحن ما زلنا بحاجة إلى معرفة المزيد عن مرحلة المراهقة وكيفية مساعدة أبنائنا بشكل صحى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved