ملفات عاجلة أمام الوزارة الجديدة - القديمة
زياد بهاء الدين
آخر تحديث:
الإثنين 20 فبراير 2017 - 10:40 م
بتوقيت القاهرة
بعد مخاض عصيب، جاء التعديل الوزارى الأخير محدودا مقارنة بما كان متوقعا. ومع أنه تضمن بعض التغييرات المهمة، إلا أن الوقت الطويل الذى استغرقه وما صاحبه من شائعات عن المرشحين والمعتذرين والباقين أثر سلبا على فاعلية الحكومة خلال هذه المرحلة الضبابية. ولذلك فإن التحدى الرئيسى الذى يواجه الوزارة الجديدة/القديمة هو ضرورة استرداد فاعليتها وإقناع الرأى العام بأنها صاحبة صلاحيات كاملة وتوجه واضح وهذا يحتاج للتعامل مع عدة ملفات اقتصادية عاجلة.
على رأسها بلا شك ارتفاع الأسعار الذى تعانى منه كل فئات المجتمع وتعجز عن التأقلم مع مفاجآته المتلاحقة. وقد حذّر وزير المالية من أن معدل التضخم السنوى الذى بلغ ٣٠٪ الشهر الماضى سوف يستمر فى الارتفاع لشهرين أو ثلاثة ثم يبدأ فى الانخفاض. وهذا قد يكون جيدا من الوجهة الاقتصادية ولكن أثره الفعلى ليس انخفاضا مرتقبا فى الأسعار، بل انخفاضا فى معدل زيادتها، والفارق بين الأمرين كبير لأن الناس غير قادرة على التعامل بأسعار اليوم.
ثم هناك ملف البطالة التى لم تنخفض طوال السنوات الثلاث الماضية إلا بشكل طفيف. وتحقيق اختراق فى هذا الموضوع لن يكون إلا من خلال زيادة الاستثمار بكل أشكاله، العام والخاص، الوطنى والأجنبى، الكبير والصغير. وبينما تساهم الاستثمارات الكبيرة فى زيادة معدلات النمو، فإن المشروعات الصغيرة والمتوسطة هى القادرة وحدها على استيعاب الأعداد المطلوبة من الشباب. وهذا يحتاج إلى تدخل من الدولة يتجاوز مجرد توفير التمويل على نحو ما فعل البنك المركزى والعمل على إطلاق طاقات هذا القطاع بعيدا عن القيود البيروقراطية والمعوقات الخانقة.
ويأتى بعد ذلك ملف السياحة التى تتعلق بها آمال الملايين من المشتغلين فيها بشكل مباشر وغير مباشر. وهذا القطاع وحده يملك تحقيق انفراجة فى الاقتصاد المصرى بسبب قدرته على استيعاب العمالة وزيادة الطلب المحلى وتوفير النقد الأجنبى بسرعة لا تتوافر فى غيره من القطاعات. وإذا كان انحسار السياحة قد جاء نتيجة لإرهاب خارج عن إرادتنا، فإن التردد والتلكؤ والخوف من اتخاذ قرارات حاسمة من جانبنا جعل الأزمة تطول والتكلفة تتفاقم.
ثم هناك قضية الدين العام الذى تجاوز كل الحدود الآمنة داخليا وصار مصدرا للقلق خارجيا. ولا يكفى هنا تكرار الحديث عن ترشيد الإنفاق الحكومى وشراء المنتجات المحلية، بل تحتاج الحكومة إلى وقفة جادة مع هيكل الإنفاق العام عموما وخصوصا فى المشروعات القومية الكبرى التى يلزم أن يجرى مراجعة أولوياتها ومصادر تمويلها والعائد الاقتصادى والاجتماعى منها ووضع كل ذلك تحت رقابة البرلمان وعلم الرأى العام.
وعموما يلزم أن تحسم الحكومة التوجه الاقتصادى العام للدولة وتضع نهاية للغموض الذى أحاط به فى الفترة الماضية. هل اقتصادنا حر أم مخطط؟ وهل الدولة تقوم بدور الرقيب والداعم للصناعات الاستراتيجية أم تنوى المنافسة فى كل المجالات؟ وهل هناك تفكير فى طرح أصول الدولة للبيع أم لا يوجد؟ وهل يتجه الدعم السلعى عموما للزيادة أم النقصان؟ هذه الأسئلة بحاجة لإجابات واضحة تمكن المجتمع والمستثمرين من التخطيط للمستقبل.
وأخيرا فإن كل ما سبق لن يمكن التقدم فيه إلا إذا اقتحمت الحكومة الملف المسكوت عنه، وهو ضرورة تحقيق انفراج فى المناخ السياسى الذى بات أحد المعوقات الرئيسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة لما يؤدى إليه من توتر وانقسام فى المجتمع، وتعطيل لطاقات الشباب، وإهدار لدور المجتمع المدنى، والحد من المشاركة والرقابة المجتمعية، وكلها مقومات ضرورية للنهوض بالاقتصاد.
مع تمنياتى للحكومة الجديدة/ القديمة بالتوفيق والنجاح فى مهمتها الصعبة.