حكم أجنبى
سامح فوزي
آخر تحديث:
الأربعاء 20 مارس 2013 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
فى مباريات كرة القدم الحرجة يجرى الاستعانة بحكم أجنبى ضمانا للحياد، وغيابا للهوى، وطمأنة للجماهير المتحمسة. يبدو المجتمع المصرى بحاجة إلى «حكم أجنبى» فى السياسة. يوم السبت المقبل يقيم «المعهد السويدى» بالإسكندرية لقاء يجمع التيارات والقوى السياسية فى «ساقية الصاوى»، وهو ما يكشف أن الأحزاب السياسية التى لا تجلس مع بعضها برعاية مصرية، يمكن أن تجتمع بدعوة من طرف ثالث، أجنبى بالضرورة، أسوة بما حدث فى لقاءات مع مسئولين أجانب زاروا مصر فى الفترة الأخيرة.
الحوار بين القوى السياسية ضرورة للخروج من المشهد الحالى المأزوم، والذى من أبرز ملامحه غياب الشفافية فى الشأن العام، وضعف الثقة فى المستقبل. إذا كان الحوار تحت مظلة رئاسية لم يفلح فى جمع كل القوى السياسية، وكانت نتائجه محدودة، فإن السبب يعود إلى أن حزب الحرية والعدالة المشارك فى الحوار رأى أن عدم مشاركة «جبهة الانقاذ» يضعف من وجوده وفعاليته. قالها صراحة فى إحدى جلسات الحوار الدكتور فريد إسماعيل الذى رأى فى مشاركة جبهة الانقاذ ــ وليس فقط القوى المشاركة فى الحوار ــ ضرورة أساسية للخوض فى الملفات الشائكة مثل تعديل الدستور وخلافه.
قد يكون ذلك صحيحا. فلا معنى لحوار لا تشارك فيه قوى المعارضة الرئيسية، حتى لو كانت هناك قوى أخرى ترفع لواء المعارضة كل الوقت، أو بعض الوقت. الدروس المستفادة من خبرات الحوار السابقة أن الحوارات ينبغى أن تكون «استيعابية» تشارك فيها كل قوى المعارضة، وفق «أجندة واضحة» بناء على «ورقة عمل» تتداولها القوى السياسية المشاركة فى الحوار قبل انعقاده، ثم جلسات للحوار الجادة، تطرح القضايا الحقيقية، ثم مخرجات واضحة تلتزم بها القوى السياسية أدبيا وسياسيا. أيا كان مكان الحوار، أو الجهة الداعية له، فإن الحوار يعنى جدية والتزاما، وليس مجرد حوارات عامة للاستهلاك الإعلامى أو للادعاء بوجود حوار.
بالطبع أصابت أجندة الحوار تخمة، تراكمت فيها القضايا والموضوعات بمرور الوقت نتيجة التعقيد السياسى. فى البداية كان الحديث منحصرا حول «الإعلان الدستورى» ثم تحول بعد الاستفتاء على الدستور الجديد إلى بحث «المواد الخلافية» ثم طرح ملف حياد أجهزة الدولة «أخونة الدولة»، ثم جاء موضوع ضمانات الانتخابات البرلمانية، وقرار مشاركة أو مقاطعة جبهة الانقاذ للحوار.
أجندة الحوار تتسع، وتتراكم، وتتضخم نتيجة حالة الاخفاق السياسى الذى يغرق المجتمع المصرى فى براثنه، دون أن تظهر جهود جادة لكسر الحلقة المفرغة من الاحتراب السياسى، اللهم إلا من أطراف أجنبية من آن لآخر تظهر قلقا على أوضاع مصر أكثر من المصريين أنفسهم، ويرون أن تردى الأوضاع الاقتصادية والسياسية على هذا النحو يؤدى إلى انتاج دولة فاشلة.
الانخراط فى حوار جاد يعيد الثقة بالطبقة السياسية التى يراها كثيرون غير أهل لهذه المرحلة.