الشبيبة اليهودية أكثر يمينية وتديّنا
صحافة عربية
آخر تحديث:
الإثنين 20 مارس 2023 - 9:05 م
بتوقيت القاهرة
نشرت جريدة القدس الفلسطينية مقالا للكاتب أنطوان شلحت، تناول فيه نتائج مؤشر الفتيان والشباب فى إسرائيل لعام 2022؛ كشفت النتائج أن الانتماء السياسى والحزبى لنسبة كبيرة من المجتمع الإسرائيلى يميل ناحية اليمين واليمين المتطرف، مما يجعله مستعدا، سياسيا ودينيا وثقافيا، لتقبل الانقلاب القضائى الذى يقوده نتنياهو ووزراؤه... نعرض من المقال ما يلى.
يقدّم «مؤشر الفتيان والشباب فى إسرائيل» لعام 2022، والذى كشف المحلّل السياسى لصحيفة يديعوت أحرونوت عن بعض معطياته، بعض خلفيات وراء ما يحدث فى إسرائيل مما يوصف بأنه انقلاب الحكومة اليمينية المتطرّفة على نظام الحكم المعمول به. وهو مؤشّرٌ واسع النطاق يجرى إعداده كل ستة أعوام، فالسابق نُشر عام 2016 والذى قبله نُشر عام 2010، ويموّله صندوق مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانى، بالتعاون مع مركز ماكرو الإسرائيلى للاقتصاد السياسى. ويشمل الأجيال من سنّ 15 حتى 24 عاما.
لعلّ أولى تلك الخلفيات، وربما أهمّها، أن المجتمع الإسرائيلى نفسه مؤهّل فى معظمه، سياسيا ودينيا وثقافيا، لتقبّل الانقلاب الذى يدور الحديث عنه، بالأساس بسبب تلاؤمه، حتى من ناحية بنيوية، مع ما يفكّر فيه. بل يمكن القول حتى إن هذا التلاؤم هو الذى فتح شهيّة اليمين الإسرائيلى المتطرّف، القومى والدينى، لدفع هذا الانقلاب إلى تخومٍ مُحدّدة.
يشمل المؤشّر كذلك الفتيان والشباب العرب من فلسطينيى 1948، غير أن هذا التعليق يتوقّف حصريّا عند ما أبان عنه بخصوص الفتيان والشبان اليهود. وأول ما يلفت النظر أنهم باتوا أكثر تديّنا. ففى مؤشّر 2016 عرّف 40% من هؤلاء الفتيان والشبان أنفسهم علمانيين (وهى نسبة مماثلة لمن عرّفوا أنفسهم علمانيين فى مؤشّر 2010 فى حين أن نسبة هؤلاء فى مؤشر 2004 بلغت نحو 54%). أمّا فى المؤشّر الحالى، فبلغت نسبة الذين يعرفون أنفسهم بأنّهم علمانيون نحو 34%. وبلغت نسبة الذين عرّفوا أنفسهم يهودا أرثوذكس فى المؤشّر الحالى 22.2% (10% فى مؤشّر 2016، و14% فى مؤشّر 2010، و8.5% فى مؤشّر 2004). وبخصوص نسبة الذين عرّفوا أنفسهم متدينين قوميين (من أتباع تيّار الصهيونية الدينية) فقد بلغت فى المؤشّر الحالى 26.1% (15% فى مؤشّر 2016، و11% فى مؤشّر 2010، و10.2% فى مؤشّر 2004).
وفى ما يخصّ الانتماء السياسى والحزبى، أظهر المؤشّر الحالى أن 58% من الفتيان والشبّان اليهود يعتبرون أنفسهم يمينيين إلى يمينيين متطرفين (نحو 37% فى مؤشّر 2016)، وأن 6.2% يعتبرون أنفسهم يساريين إلى يساريين متطرّفين (6.3% فى مؤشّر 2016)، وأن 27.3% يعتبرون أنفسهم وسطا إلى وسط يميل نحو اليمين (34.2% فى مؤشّر 2016)، وأن 8.6% يعتبرون أنفسهم وسطا يميل إلى اليسار (7.9% فى مؤشّر 2026).
ووفقا لما قاله مُعد المؤشّر، روبى نتانزون، للصحيفة، لم يعد اليسار قائما فى صفوف الشبيبة الإسرائيلية، ويكاد يكون أقرب إلى نسبة الخطأ فى استطلاع المؤشّر منه إلى الوجود الفعلى. كما أنّ ما يُسمّى بـ«الوسط» تراجع كثيرا وبات على وشك الاندثار.
وفحص المؤشّر موضوع تأييد المساواة بين الأجناس فى أوساط المجتمع الإسرائيلى، وذلك فى سبيل الاستدلال على مبلغ تغلغل المقاربة الظلامية المستندة إلى مسوّغاتٍ دينية، فأظهر أنّ نسبة المؤيدين لها بين الفتيان والشبان اليهود هى فى تناقص مطرد، وباتت 72.6% فى مؤشّر 2022 (80.5% فى مؤشّر 2016، و85% فى مؤشّر 2010).
كما استطلع المؤشّر مدى ثقة الشبيبة الإسرائيلية بالسلطتين التشريعية (الكنيست) والقضائية، فأظهر أنّ نسبة الثقة بهما تدهورت إلى ما هو أدنى من 30%. وفى المقابل، هناك ارتفاع ملحوظ فى نسبة الثقة بمؤسّسات المنظومة الدينية، ما يعكس تعزّز نزعة التديّن أكثر فأكثر.
تلقى هذه المعطيات الضوء، قبل أى شىء، على الجذور الحقيقية لمسألة صعود اليمين الإسرائيلى، ومواصلته الحكم على مدى عشرات الأعوام، ناهيك عن تمكيننا من أن نستشرف إلى أين تسير إسرائيل، وما المنتظر من هذا المسير على الصعيدين الداخلى والخارجى عن «العربى الجديد».