رائحة العيد
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الإثنين 20 أبريل 2009 - 12:20 م
بتوقيت القاهرة
الطعام لغة يجيدها أهل الكرم، تصل ما انقطع بين الناس وتآلف بينهم، وقد تكفى اللقمة الهنية مائة كما يعتقد ويردد أهل بر مصر. ومنذ عرف الإنسان الأول النار واستخدمها فى طهى طعامه، لم تتوقف شعوب الأرض عن التفنن فى التعبير عن نفسها وثقافتها المختلفة بالأكلات الشعبية التى قد ترغب فى تذوقها والتعرف على مكوناتها إذا ما نزلت بلدا غريبا عنك، لكن تظل دائما رائحة خاصة مرتبطة بطعام الأعياد الى تستعد له الأسرة بأكملها فينتظره الجميع ويسعون للاشتراك فى إعداده بل والتباهى بالحرص على أسراره فى بعض العائلات، وتبدو الصورة فى أبهى معانيها حينما يتبادل الناس المودة والطعام فى آن واحد.
من منا لا يذكر طبق الكعك بالسكر تحمله جارة ودودة فى صباح العيد لتبدأ طقوس العيد الحقيقية.
مذاق ورائحة العيد، وفقا لما نشرته دراسة حديثة فى التغذية من المؤسسة العالمية للنكهة والرائحة لها موضع فى ذاكرة الإنسان بمجرد شمها فتصل إليه بنبضات خاصة عبر مسارات مسئولة عن حاسة الشم فيتفاعل معها المخ ليفرز الأندروفين المثبط لمشاعر الألم، والسيروترنين الباعث على البهحة، فيبدو الإنسان فى حالة من الوجد البهيج تحمل إلى قلبه صورا متتابعة لذكريات تاهت منه وإن أراد دائما استعادتها.
حينما توالت الأبحاث لتؤكد قوة العلاقة بين العواطف ومذاق ورائحة الطعام اتجه معهد الإحساس بالرائحة sense of smell institute لوضع أسس علم جديد أسماه الأروماكولوجى aromachology والذى يضع قواعد دراسة وقياس الاستجابة السلوكية للنكهات المختلفة للطعام والعطور.
أذكر هذا اليوم ونحن نحتفل بأعياد القيامة وعيد شم النسيم الذى يرجع تاريخه للعصر الفرعونى وقد ارتبط برائحة زهور الربيع وألوان البيض الزاهية وربما السمك والفسيخ الذى أتمنى بالطبع أن نتناوله فى حدود تسمح بالاستمتاع بعيدا عن التسمم به.
الأعياد والمناسبات لها رائحة الفرح فلا بأس إذا نسينا بعضا من فرمانات الأطباء، وتوصيات هيئات عولمة الغذاء، وعدنا إلى هويتنا المحلية نتبادل اللقمة الهنية والود الخاص والرغبة فى المشاركة وتبادل المواجد، وتنسمنا عطر الأحباء وذكرنا بالخير كل من غاب.