إلى من يعتقدون أنهم فرقاء?

عمرو خفاجى
عمرو خفاجى

آخر تحديث: السبت 20 أبريل 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

رغم مرور أكثر من عامين على قيام الثورة، لكننا حتى هذه اللحظة لم نع جيدا قيمة ما فعلناه فى يناير ٢٠١١، لم نستطع ان نفهم ماذا يعنى أن يقوم شعب بثورة على حكام طغاة وفاسدين، وبالتالى سمحنا لكثير من العبث يتسرب لهذه الثورة، لدرجة الكفر بها بين قطاع لا يستهان به من الشعب، والمشكلة أن عدم فهم قيمة الثورة مستمر حتى هذه اللحظة، وبالتالى يحق للشباب أن يستمر فى غضبه ضد كل أطراف العملية السياسية، ويحق لكثير من المواطنين ان يعلن صراحة انه ضدها، وهؤلاء حينما يعلنون ذلك فهم ليسوا أبدا من نستطيع ان نطلق عليهم الثورة المضادة، لأن رجال الثورة المضادة حتى هذه اللحظة يعرفون جيدا ما يفعلون بعيدا عن الانظار، وبأيادٍ مختفية، ليبدو المشهد الكئيب من دون ان يكونوا جزءا منه، فى حين تتوزع الاتهامات بمعاداة الثورة لشباب ومواطنين هم أبعد ما يكونوا عن ذلك، وأعتقد أن هذه هى مشكلتنا الآن.

 

الثورة حدث استثنائى تاريخى لا يحدث كثيرا فى تاريخ أى شعب، بل إن هناك شعوبا لم تتعرف على فكرة الثورات طوال تاريخها، لذا حينما ينجح شعب فى ذلك، فإنه من المفترض قد وقف على بداية الطريق الصحيح للانطلاق نحو مستقبل أفضل، وللأسف هذا لم نستطع فعله حتى هذه اللحظة، أو على الأقل لم نحدد على وجه الدقة الطريق الذى نسير فيه، بل اندفع الجميع نحو أهداف جزئية ضيقة، بعيدا عن مصالح مجمل الشعب كما تقتضى أهداف الثورات غالبا، وتبقى للشعب مشاهدة صراعات سياسية غبية ورخيصة، لا تخرج عن كونها محاولات لعض أصابع الخصوم على اعتبار انها الانتصارات الكبرى، كل الاطراف تعمل على ذلك بدأب وبامتياز يحسدون عليه، فيما بقى تحقيق أهداف الثورة بعيدا عن أجندة الجميع بدليل ان الشعب لم يحصل على أى مكاسب، او حتى شعر ان هذه المكاسب فى الطريق، وان كل ما حصده انفلات أمنى وإحساس بأزمة اقتصادية، ومشاهدة الفرقة والانقسام ليل نهار دون ان يجد لنفسه موضع قدم فى أى مستقبل كان يحلم به.

 

المأساة الحقيقية أن كل طرف يعتقد انه الثورة، أو فى اسوأ الاحوال أنه حامى هذه الثورة، وكل طرف يعمل باجتهاد غريب على إقناع الرأى العام بذلك، الذى أصبح فجأة أمام عدة ثورات لا ثورة واحدة، ثورات بالنسبة له لا تغنى ولا تسمن من جوع، ثورات فى مواجهة ثورات، بالرغم من أننا نعلم جميعا ان أصحاب هذه الثورات كانوا شركاء فى الثورة الحقيقية، كانوا أصدقاء وأحبة فى ميادين يناير، فكيف تفرقت الثورة إلى ثورات وأصبح الاصدقاء أعداء، هنا بالضبط السؤال الذى لم نحاول الاجابة عنه، وارتاح كل فريق لما يفعله وكأنه يملك الحقيقة منفردا وان الاطراف الاخرى هى التى انقلبت على الثورة التى صنعوها سويا، وللأسف يتهربون من هذه الحقيقة التى لو ادركوها لأنقذوا الثورة بالفعل.

 

نحن أمام لحظة فارقة، خطرها محيق يسير بسرعة فى اتجاهات مرعبة، اتجاهات ممكن ان تجهض احلام شعب لعشرات السنين، فهكذا يخبرنا التاريخ عن الثورات التى تكسرت على أسنة فُرْقَة الثوار، أو أننا نعى اللحظة وخطورتها فنعدو بجدية وإخلاص صوب المصالة الوطنية التى تحافظ على الثورة وعلى حقوق الشعب ومكتسباته، لأن فشل الثورة يعنى الانتكاسة للجميع وفى المقدمة منهم الثوار ومن يعتقدون انهم الثورة، وساعتها تكون المكاسب والانتصارات واضحة للثورة المضادة وساعتها أيضا سنراهم ونرى أياديهم التى دفعتنا لاغتيال ثورتنا بأنفسنا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved