واقع بائس
محمد سعد عبدالحفيظ
آخر تحديث:
السبت 20 أبريل 2019 - 10:55 م
بتوقيت القاهرة
صدر نهاية الأسبوع الماضى التقرير السنوى لمنظمة «مراسلون بلا حدود» عن مؤشر حرية الصحافة لعام 2019، الذى يقيس أوضاع الصحافة فى 180 دولة حول العالم، وكالعادة اختفى التقرير من وسائل الإعلام المصرية، التى من الأرجح أنها فضلت ستر الفضيحة السنوية التى تلاحقها.
حلت مصر كعادتها فى مجموعة الدول التى لا تحترم حرية الصحافة، ووضعت مع 20 دولة أخرى فى «القائمة السوداء» على مؤشر المنظمة السنوى، واحتلت المرتبة (163) متراجعة مرتبتين عن تصنيف العام السابق.
اللافت فى تقرير المنظمة لهذا العام، أن 42 دولة إفريقية تقدمت على مصر فى مؤشر احترام حرية الصحافة، فعلى سبيل المثال، قفزت إثيوبيا إلى المرتبة (110) متقدمة 40 مركزا عن العام الماضى، بعد أن حقق نظامها السياسى بقيادة رئيس الوزراء الشاب أبى أحمد إصلاحات سياسية حقيقية، فأطلق سراح الصحفيين المحبوسين وأعاد المواقع الإخبارية المحجوبة وأصبح الإعلام مجالا للاشتباك السياسى بين التكتلات والأحزاب المختلفة.
وأظهر التقرير ارتقاء جامبيا 30 مركزا عن العام الماضى، لتحل فى المرتبة الـ (92) عالميا بفعل إصلاحات سياسية أجراها الرئيس الجديد المنتخب أداما بارو، الذى ألغى حالة الطوارئ وأفرج عن المعارضين والصحفيين وفتح المجال العام ورفع القيود المفروضة على الصحافة والإعلام، بعد أكثر من عشرين عاما استمر فيها الرئيس الجامبى السابق يحيى جامع فى الحكم جمد فيها الحريات العامة وأمَّم السياسة والصحافة.
وجاءت ناميبيا فى المرتبة الأولى إفريقيا و23 عالميا، وبوتسوانا (44 عالميا) ومدغشقر (54) ومالاوى (68) وبنين (96) وموزمبيق (103) وتنزانيا (118) وتشاد (122) وإفريقيا الوسطى (145). واحتلت دولة جزر القمر المركز الأول عربيا و56 عالميا، وحلت تونس فى المركز الثانى عربيا وقفزت 25 مرتبة عن تصنيف المنظمة العام السابق لتحتل المركز 72 عالميا.
وسبق مصر فى الترتيب دول عربية أخرى مثل لبنان والكويت وقطر وموريتانيا والأردن وسلطنة عمان والإمارات والمغرب وفلسطين «المحتلة» والجزائر والعراق.
وما يدعو للسخرية أن الشقيقة ليبيا سبقت مصر بمركز واحد لتحتل المركز الـ 162 عالميا، بينما تقدمنا نحن إلى الخلف لننافس الصومال التى احتلت المركز الـ164.
التقرير وصف واقع الصحافة فى دول الشرق الأوسط بـ«البائس»، معتبرا أن «الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا تزال هى المنطقة الأصعب والأخطر على سلامة الصحفيين».
وأشار التقرير إلى أن الصحفيين فى المنطقة يقبعون فى السجون دون أن توجه لهم تهم رسمية، وعندما يمثلون أمام القضاء فإنهم يواجهون إجراءات مارثونية لا نهاية لها، محذرا مما اعتبره اضطهادا تمارسه دول سلطوية فى الشرق الأوسط كمصر والسعودية والإمارات وسوريا، «مازالت تلك الدول تضايق الصحفيين تحت عناوين مكافحة الإرهاب ونشر الأخبار الكاذبة على شبكة الانترنت، كما تتعمد ملاحقة ومعاقبة أصحاب التعليقات والتقارير الانتقادية».
لم يأتِ تقرير المنظمة الدولية بجديد، فحال الصحافة والإعلام فى مصر خلال السنوات الأخيرة لا يخفى على أحد، التضييق مستمر والحصار يتصاعد.
لا نطمح فى منافسة السويد أو فنلندا أو الولايات المتحدة فى احترام حرية الصحافة التى هى حق أصيل للمواطن قبل أن تكون حق لأصحاب المهنة، بل نأمل أن يكرمنا الله وننظر إلى ما جرى فى إثيوبيا وجامبيا وتونس، عسى أن نتعلم شيئا.