لن نصلى خلف محمد حسان فى التحرير
وائل قنديل
آخر تحديث:
الأربعاء 20 يونيو 2012 - 8:30 ص
بتوقيت القاهرة
هل يحتاج محمد مرسى وجماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة لتذكيرهم بأنه لولا أصوات أهل الميدان لما حصل مرسى على هذه الأصوات التى وضعته فى صدارة السباق الرئاسى؟
الواقع يقول إن جولة الإعادة كانت معركة بين الثورة وبين خصومها، ومن ثم ذهبت الأصوات للأقرب شبها للميدان، حيث قال المصريون «لا» لفلول مبارك وللمجلس العسكرى، ولرموز النظام الساقط، قبل أن يقولوا «نعم» لمحمد مرسى، فالذين أسقطوا رجل مبارك كانوا يسطرون بأصواتهم قصة أشرس وأخطر مقاومة خاضتها ثورتهم ضد خصومها وأعدائها.
لقد أظهر المصريون فى هذه الملحمة أجمل معانى التضحية وإنكار الذات والصبر على المكاره لكى يدرأوا عن حلمهم النبيل خطرا داهما يهدد باقتلاع ثورتهم من جذورها، وكانت قمة مغالبة النفس والتسامى فوق جراح الخلافات والخيانات، حين صوت أكثر من سبعة ملايين مصرى من خارج الكتلة التصويتية للإسلاميين ضد مرشح الثورة المضادة، ولصالح مرشح الإخوان، على الرغم من مرارات الشهور الطويلة السابقة.
وباختصار يمكن القول إنه لولا روح وأخلاق الميدان النبيلة لما وصل مرسى إلى ما وصل إليه، ولأن فضل الميدان عظيم على الدكتور مرسى فلابد من احترام تركيبته الروحية ونسيجه المجتمعى، وهذا لن يتأتى إلا من خلال معرفة تامة بالجغرافيا الإنسانية والاجتماعية لميدان الثورة ولقد كان شيئا مبشرا بالخير حين أكد مرسى على مدنية الدولة المصرية فى خطابه الأول عند الرابعة فجرا وهو يعلن اقترابه من حسم النتيجة.
ومن هنا لو صح أن حزب الحرية والعدالة أعلن أن الدكتور محمد مرسى سوف يتوجه إلى الميدان بعد غد الجمعة لأداء الصلاة خلف الشيخ محمد حسان خطيبا، فإن من الواجب هنا أن نوجه عناية الجميع إلى أن هذا يعنى عبثا فى تركيبة الميدان ونسيجه وتاريخه، الذى يقول إن لميدان الثورة خطيبا اسمه مظهر شاهين، بقى قابضا على الجمر، ولم يعرف عنه أنه انضم يوما لمعسكر الجنزورى وفايزة أبو النجا وسريحة الأمن القومى فى الهجوم على الثوار واتهامهم بالعمالة والقبض، ولم يشارك فى مسخرة ابتزاز البسطاء بذريعة جمع أموال الاستغناء عن المعونة الأمريكية، ولم يقدم غطاء دينيا وأخلاقيا لجرائم البطش العسكرى بشباب الميدان وشاباته.
وإذا أراد مرسى أن يقدم نفسه رئيسا لكل المصريين فعليه أن يبقى ميدان المصريين على حالته العبقرية الفريدة التى أوصلته إلى المنصب، ففى هذا الميدان يتعانق الخطيب والواعظ الكنسى، وتتجاور صلاة الجمعة مع القداس دون افتعال أو تصنع.
لتكن جمعة مصرية خالصة، وليست احتفالية إخوانية بصعود مرشح الجماعة على أكتاف الثورة، وعلى ذلك فالصلاة فى الميدان تكون خلف خطيب الثورة، وليس وراء خطيب المعونة.
إن معارك كثيرة قادمة فى الطريق ولن يقوى الميدان على خوضها إلا بتلك الكيمياء المصرية الجبارة رغم بساطتها، التى علمت العالم كله معنى الثورة النقية خلال ١٨ يوما مضيئة بالوحدة والاحتشاد.