صيادو المنافع على حساب الوطن
ناجح إبراهيم
آخر تحديث:
السبت 20 يونيو 2015 - 11:05 ص
بتوقيت القاهرة
• ذهب أحد أصدقائى ضيفا على أحد برامج التوك شو وكان معه ضيوف آخرون يمثلون وجهة النظر الفكرية والسياسية المقابلة.. دخل معد البرنامج على صديقى فى حجرته ناصحا: فلان من الضيوف الآخرين له فضائح أخلاقية ومغامرات نسائية وله ملفات وسيديهات كذا وكذا.. وهذه الأشياء كلها لو استخدمتها ضدهم فى الحوار فستخرسهم.. صمت صاحبى دون تعليق.
• بدأت الحلقة هادئة واستمرت كذلك حتى نهايتها رغم عمق الخلاف بينهما.
• فى نهاية الحلقة ذهب المعد إلى صديقى معاتبا: لماذا لم تستخدم هذه الأوراق القوية ضدهم؟.. قال صديقى: ليس من الرجولة والشهامة إدخال الفضائح الشخصية فى حوارات وقضايا تخص الوطن.. وما هكذا تعلمت من دينى ولا من أسرتى.. كما أن رجولتى تأبى على ذلك.
• قال لى صديقى: وأنا شبه متأكد أنه ذهب إلى الفريق الآخر وقال لهم: يمكن أن تزعموا أنه إرهابى أو من الإخوان أو من خلاياهم النائمة رغم أننى لم أنضم يوما إلى أى حركة إسلامية أو حزبية ولست محسوبا على أحد.
• تجاذبت مع صديقى الشهم أطراف الحديث حول ما يسمى فى الإعلام «تسخين التوك شو».. لكى تتناول الغرائب والفضائح والشتائم ولكى يقوم أحد الضيوف بشتم الآخر أو إلقاء الماء عليه أو استفزاز كل منهما للآخر ليخرج عن طوره أو محاولة مغادرة الحلقة أو محاولة ضرب الضيف للآخر.. وكلما هدأ الضيوف وصفت نفوسهم يمكن إعادة تسخينهم مرة أخرى بمكالمة تليفونية مجهزة أو بسؤال لئيم لا جدوى له من المذيع أو بتناول أمور شخصية للضيوف.. وهكذا.
• وكلما زادت سخونة الحلقة «أى فضائحها وموبقاتها» وقل علمها وفكرها وفقهها كلما زادت مشاهدتها وحديث الناس عنها.. وزادت الإعلانات مع زيادة نسبة المشاهدة عبر القناة وفى youtube .
• قلت لصديقى: لقد كنت محظوظا فى كل المناظرات التى أجريتها.. فقد أدار إحدى مناظراتى وكانت فى ساقية الصاوى المهندس الخلوق/ محمد الصاوى وكانت المناظرة مع ثلة راقية منهم الليبرالى الحقيقى د/عمرو حمزاوى والمفكر السياسى د/ وحيد عبدالمجيد والصحفى محمد مبروك والشيخ/ محمد نور، وكانت المناظرة قيمة ودقيقة وسريعة بكل المقاييس، فالكلمة لا تزيد على 7 دقائق تطرح فيها الأفكار بعمق وسرعة وقد التزم الجميع بذلك.
• وقد أحببت المهندس/ محمد الصاوى من يومها وخاصة بعدما عرفت دقته وانضباطه وأخلاقه، فقد التزم يومها بموعد المناظرة رغم تعرضه يومها لحادث سيارة مع أسرته.. وكنت يومها أول المتحدثين وكنت دقيقا وموضوعيا ومنهجيا وأخبرنى بعدها م/ الصاوى أننى أخذت المناظرة إلى شاطئ الأمان.. لأن المناظرة التى سبقتها كانت فى حزب الوفد وكان أحد الدعاة قد هاجم خلالها الزعيم سعد زغلول قلت له: هذا عيب.. كيف يشتم الإنسان فى بيته ومن ضيفه.. ثم إن بعض الإسلاميين لا يعرفون كيف صاغ سعد زغلول وحدة وطنية رائعة بين الأطياف المصرية الثلاثة فى وقت الاحتلال الانجليزى ونحن الآن نعجز عن أن نصنع مثلها دون احتلال.. فمصر تملأها الصراعات، فالسلفى لا يجالس الإخوانى.. والربعاوى لا يبتسم فى وجه السيساوى والعكس.. والثوار والأحزاب ومؤسسات الدولة كل فى واد والشعب فى واد آخر.. فثورة 19 وحدت الشعب وثورتا 25 يناير و30 يونيه مزقته.
• قلت لصديقى: لقد كنت محظوظا حينما أدار مناظرتى مع د/ باسم يوسف فى الجامعة الأمريكية الإعلامى المخضرم المهذب / حافظ الميرازى الذى يحتفظ بقيم الصعيد مع قيم الحضارة الغربية والذى أخرج المناظرة بطريقة رائعة رغم حضور 7 آلاف طالب كانوا على مستوى رائع من الخلق الكريم.
• وقد اتفق ثلاثتنا الميرازى وباسم والعبدلله على أن تكون هذه المناظرة نموذجا أخلاقيا رفيعا يحتذى به.. وأن تبتعد عن الإسفاف والتبذل والسفه.
• وقد كان د/ باسم فى منتهى الشهامة والرجولة حينما صفر بعض الطلبة بطريقة مسفة عند ذكر اسمى.. فقال د/ باسم: د/ ناجح ضيفنا ويجب علينا أن نرحب به ونحييه، فصفق جميع الطلاب.. ولو أراد أن يستفز هؤلاء الطلاب ويؤلبهم ضدى لفعل ولكن للرجولة والشهامة فرسانها.. ولو كان هناك إعلامى آخر من الذين يسعدهم التلاسن والاشتباك الفوضوى واللاأخلاقى لحول مثل هذه المناظرة إلى جحيم.
• سلام على كل من يوحد الوطن.. سلام على كل من يترك المراء ولو كان محقا.
• وويلٌ للممارين والمجادلين بالباطل صيادى المنافع على حساب الوطن.. ويلٌ للذين يظنون أن اللبن الأبيض سينبع من الطين الأسود.
• ويل للذين يشيعون البغضاء بين الناس ظنا منهم أن ذلك ينفعهم أو يرفعهم.
• ويل للصوص الأمجاد الذين يريدون بناء مجدهم على جثة الوطن والشرفاء.
• ويل للذين يوقدون نيران البغضاء والصراع كلما خبت ويسعدون لاستمرارها حيث تضمن لهم البقاء والنماء.. فكفى بالوطن إثما ألا يزال مماريا .