قيادة ودولة ومواطن
حسن المستكاوي
آخر تحديث:
الأربعاء 21 سبتمبر 2011 - 9:00 ص
بتوقيت القاهرة
●● حدثنى طبيب قلب شهير عن ظاهرة «الحوار المتجاوز» فى أوساط النخب وأهل العلم والثقافة.. قال إنه يسمع الآن سبابا وحماقات ليس لها مثيل فى غرف واجتماعات تضم أساتذة جامعات، ويفترض أن تلك الغرف تفكر للبلد، وقد أدهشه أن هذا الأسلوب الغوغائى أصبح وسيلة الجميع للتعبير عن آرائهم.
●● الظاهرة سببها سنوات من الظلم والظلام، والحجر على الرأى، ومصادرته، وانتشار الواسطة والمحسوبية، وضياع حقوق المواهب والكفاءات، ومن ضمن الأسباب التى أدت إلى ترسيخ هذه الغوغائية بعض الإعلاميين الذين ربحوا كثيرا من السباب والردح، وجذبوا المشاهدين بوسائل وبلغة شديدة الانحطاط، وخلطوا بين السفالة وبين الشجاعة، وهم لا يدرون أنهم مثل عرض الأراجوز القديم، فكان هذا العرض يصل للذروة عند عقل الطفل حين يسحب الأراجوز عصاه ويضرب بها زوجته، فتتعالى الصيحات والضحكات.
●● الغوغائية هى لغة الجهلاء الذين لا يعرفون، وهى لغة المتعصبين الذين لا يدرون، وهى ليست شجاعة أن يسب مانويل جوزيه، ويلعن، وكنت بالمناسبة أحد الذين تصدوا له بمنتهى العنف، وكان ذلك على الهواء مباشرة وفى مواجهته.
●● الغوغائية لغة الدخلاء على الرياضة.. لغة أدعياء الشجاعة وراكبى الأمواج، ومن أسف أن منهم من يمثلون النخبة وينتمون إليها، وهؤلاء من مواليد زمن الكوارث المصرية والعربية.. زمن الغائبين الذين ينثرون الغياب، زمن الذين لا يعترفون بالهزيمة ولا يرون الخيبة والفشل، ويعلقون هزائمهم على الحكم والأرض والمطر والحرارة والبرد، وهؤلاء يهربون من الاعتراف بأنهم فاشلون، ساقطون، خائبون، وأمثالهم فى السياسة وفى القيادة يعلقون خيبتهم على أمريكا، وعلى الغرب المناهض للعرب، وعلى الحكام فى كل اللعبات ومن جميع البلاد، حتى يظن الطفل المولود أن العالم كله يكرهنا، ويحاربنا، ويرغب فى وأد تطورنا وانطلاقنا.. ويمكنك أن تسأل نفسك: هل حقا يناهضنا العالم ويحاربنا.. ولماذا.؟
●● لا حول ولا قوة إلا بالله.. لن ننهض مادامت تلك العقول موجودة فى البلد.. هل يكون النقد بالردح واللغة المنحطة والتشويه، أم يكون بأساليب فنية تشرح وتوضح؟!
●● بعد 60 سنة تذكرت وزارة الخارجية دورها فى رعاية مصالح المصريين خارج البلاد.. فأصدرت تعليمات للسفارات بمتابعة ورعاية أبناء مصر فى بلاد الشرق والغرب.. اسألوا ملايين المصريين فى الخارج كيف تتعامل معهم السفارات؟ كيف تساعدهم؟
للأسف أن الوزارات المختلفة طوال تلك السنوات كانت تعمل عند الرئيس والنظام، تحميه، وتلبى طلباته، وكانت السفارات فى الخارج تهتم برعاية مصالح الوزراء والكبار، وتتجاهل المواطن البسيط.. للأسف ظلت العلاقة مشوهة ومريضة بين القيادات وبين الدولة وبين المواطن.
●● القيادات ظنت أنها تمتلك الدولة، وأنها تكيتها.. والدولة ظلت تفترض أن مواطنها مشاغب، وهارب، وحرامى، ومحل شك.. والمواطن أدرك مبكرا أن بلده سرق منه، فأصبح مشغولا بالهروب من الضرائب، ومن القانون، ومن الواجبات ومن سداد حق الدولة.. والآن مصر تحتاج إلى تغيير كبير فى كل شبر وكل عقل.