السماء تمطر مبادرات بين مصر والجزائر
وائل قنديل
آخر تحديث:
الثلاثاء 20 أكتوبر 2009 - 9:26 ص
بتوقيت القاهرة
جميل ورائع أن يقفز آخرون فى قطار التهدئة قبل مباراة مصر والجزائر، حتى وإن كان بعضهم من محترفى التسطيح فوق القطارات، وخطف سلاسل الذهب والحقائب من عباد الله المحترمين باستخدام دراجات نارية طائشة تمرح فى شارع الكتابة.
مدهش أن تصبح عروبة مصر فجأة أولوية لدى صحف لا تتوقف عن إفراد مساحاتها لأصوات تصرخ ضد الاستعمار العربى لمصر وتتحدث عن عمرو بن العاص باعتباره القرصان الذى غزا البلاد ونكل بأصحابها الأصليين.. لا غضاضة فى أن يتطهر هؤلاء ويرتدوا مسوح الزهاد فى محراب العروبة، لا يستطيع أحد إلا أن يبتهج بهذه الانتباهة المفاجئة، حتى وإن كانت مصطنعة، ونذكر أنه فى المواقف الحدية الفارقة تتغير سيكولوجية البشر، فى معركة العبور أكتوبر 73 مثلا أعلن اللصوص تعليق نشاطهم كأضعف الإيمان فى المشاركة فى المعركة.
غير أن اللصوص فى 73 لم ينسبوا لأنفسهم أنهم طليعة القوات المحاربة، كما لم يدعوا أنهم حملة رايات تعبئة الجماهير للذود عن استقرارها وأمنها فى الداخل، فقط سكتوا عن لصوصيتهم، وتلك كانت فضيلة تنسب لهم وموقفا جديرا بالاحترام.
ومن باب التذكرة فقط أشير إلى أن أول دعوة للتعامل بعقلانية مع مباراة مصر والجزائر المرتقبة فى 14 نوفمبر المقبل انطلقت من هذا المكان، لم تكن مبادرة، بل كانت صرخة فى البرية ربما يسمعها أولئك المستعدون للتخلى عن هويتهم وانتمائهم العربى الأصيل لقاء ثلاث نقاط فى مباراة، أو مشاركة عابرة فى كأس العالم.
كانت دعوة لاستنطاق التاريخ والجغرافيا لتنبيه الغافلين والمتهوسين إلى أن ما بين مصر والجزائر أعمق وأبقى وأهم من صراع بين 22 لاعبا داخل صندوق أخضر، يتابعهم الملايين من الجماهير التى أقصيت عمدا عن معاركها الحقيقية وسيقت زمرا إلى مراعى الجنون والتعصب لأتفه الأشياء، من عينة سوبر ستار العرب أو شاعر المليون.
ومن باب الأمانة القول إن الدعوة ذاتها حملتها سطور الكاتب محمد حمدى على موقع الزميلة «اليوم السابع»، ثم كتب الزميل إبراهيم عيسى مقالا بديعا فى العدد الأسبوعى من «الدستور» يحمل المعنى ذاته، كما كتب الأستاذ حسن المستكاوى سلسلة مقالات فى «الشروق» التى أطلقت مبادرتها بالتعاون مع «الشروق» الجزائرية يوم الأربعاء الماضى والتى لاقت تفاعلا هائلا من الإعلاميين والجماهير العاقلة فى البلدين، ثم كتب الزميل عبدالله كمال فى جريدة «روزاليوسف» بالمعنى نفسه، دون أن يدعى أحد ممن كتبوا فى هذا الموضوع أنهم عباقرة ومخترعون.
ويبدو أن التفاعل الكبير مع هذه الدعوة، أغرى البعض بالدخول على الخط، فقفزوا فوق القطار، وكالعادة لم تمنعهم سيكولوجية التسطيح من الادعاء بأنهم من اخترع القطار.. وطبيعى للغاية أن يزعموا أنهم أصحاب السبق فى قيادته وتوجيهه.
أيتها العروبة.. كم من المساخر ترتكب باسمك.. ولا عزاء للصوص!
wquandil@shorouknews.com