مقترح للنص على المعارضة البرلمانية فى الدستور الجديد
سيد رجب سيد
آخر تحديث:
السبت 20 أكتوبر 2012 - 8:15 ص
بتوقيت القاهرة
من مزايا الديمقراطية وجود عنصرى التنازع والموافقة اللذين يحولان دون تحول الديمقراطية الى أوليجارشية. ويكاد يجمع الفقه على أنه لا توجد ديمقراطية حقيقية بدون المعارضة التى تقوم بدور حيوى فى استقرار مبدأ تداول السلطة.
وإذا كان وجود حكومة فى الدولة أمر لا مفر منه لتنظيم شئونها ورعاية مصالحها، فإن وجود المعارضة بالمعنى الشكلى متمثلة فى الهيئات التى تراقب الحكومة وتنتقدها وتستعد للحلول محلها، وبالمعنى الموضوعى متمثلا فى نشاطها فى الرقابة والإنتقاد، فإن الاعتراف الرسمى بالمعارضة يجعل الرأى العام متابعا ومشاركا فى كشف أخطاء الحكومة، وبذلك يتسع إطار التنظيم الدستورى للدولة، ولا يحتاج تغيير الحكومة الى إغتيال أو ثورة أو عصيان، أو إقامة تنظيمات سرية، أو مناهضة الحكومة فى الداخل والخارج.
وتقوم أحزاب المعارضة بهذا الدور، وحينئذ تعتبر كل من المعارضة والحكومة أجهزة تعمل فى إطار التظيم الدستورى للدولة مستهدفة الصالح العام.
●●●
ورغم هذه الأهمية، لم يُنص على المعارضة فى دساتيرنا السابقة بل لوحظ تهميشها مما يأتى :
1ــ الإشارة اليها بنصوص متفرقة فى (اللائحة الداخلية لمجلس الشعب) تلك الأداة التى يأتى ترتيبها الرابع فى تدرج الأدوات التشريعية، حيث يسبقها ( الدستورــ القانون الأساسى ــ القانون ــ لائحة المجلس )
2ــ أن نصوص اللائحة تناولتها من ناحية مشاركتها فى الأعمال البرلمانية وفق ما يكون مُسطرا فى جداول أعمال الجلسات، التى يضعها مكتب المجلس المشكل من (الرئيس ــ الوكيلين) المُنتميين للحزب الحاكم.
والواقع أنه رغم أهمية المعارضة، فقد لوحظ أن نص المادة (7) من المسودة الأولى لمشروع الدستور الجديد قد خلا منها، حين نص على أن (النظام السياسى الديمقراطى يقوم على.. (التعددية السياسية والحزبية) و.. (التداول السلمى للسلطة). ولذلك نرى ضرورة إضافة (المعارضة البرلمانية) لتكملة مثلث النظام الديمقراطى لتكون قاعدته (تعدد الأحزاب) وضلعيه (المعارضة البرلمانية) و(تداول السلطة). وليس هذا وقفا على أدبيات النظام الدستورى البريطانى فقط، فقد جاء بدستور الجمهورية الفرنسية الخامسة الصادر عام 1958 وتعديلاته نصوص خاصة بالمعارضة (المادة 51/1).
ولأنه فى جميع الأحوال سواء أخذنا بالنظام البرلمانى الخالص أو بالنظام المختلط (برلمانى ــ رئاسى) فإن السلطة التشريعية (مجلس الشعب) سيكون أساس عملها (قواعد النظام البرلمانى).
●●●
وإذا بحثنا عن التنظيم المثالى للمعارضة البرلمانية يمكن الاسترشاد بأدبيات النظام الدستورى البريطانى، الذى يجعل المعارضة جزء من النظام حيث يُطلق عليها (معارضة صاحبة الجلالة ــ أو الحكومة البديلة لجلالة الملكة). و يقع على عاتقها ضمان أن تكون الأعمال والسياسات الحكومية مُعرضة للعلانية وموضوعا للمعارضة المستمرة، وتقديم سياسات مُقنعة كبديل للسياسات الحكومية. وأهم وظائف المعارضة:
1ــ ضمان استمرار المحاسبة على أسلوب ممارسة الحكومة لسلطاتها، وأهم وسائلها فى ذلك، داخل البرلمان (المناقشات ــ الأسئلة ــ اقتراحات لوم الحكومة)، أما خارج البرلمان فتتمثل وسائلها فى (اللقاءات العامة ــ التليفزيون ــ الإذاعة ــ الصحافة).
2ــ اضطلاع المعارضة بمسئولية الحكم عندما يرغب الناخبون فى تغيير السياسات. ورغم أنها تبحث عن إحداث تغييرات توصلها إلى الحكم، فإنها تبتعد عن المسائل التى تؤدى الى تقويض الديمقراطية وذلك من خلال الالتزام بمراعاة المبادئ الأساسية للدستور البريطانى التى تقضى بأن يكون النقد مخلصا وبناء ومسئولا بعيدا عن تصيد الأخطاء، مع الحث على التشاور مع الحكومة بشأن المسائل المهمة والحيوية.
3ــ تتعاون مع الحكومة فى الأعمال البرلمانية مثل إعداد التشريعات والرقابة المالية وأعمال اللجان الدائمة واللجان الخاصة. ولإدراك الحكومة الدور الإيجابى للمعارضة تمنحها الوقت الكافى، وكانت المحصلة لكل ذلك عدم لجوء المعارضة الى وسيلة التصويت على (لوم الحكومة) إلا عندما يتطلب الأمر ذلك الإجراء.
●●●
وقد أصبحت المعارضة تمثل التجسيد الواقعى للدور الحيوى للمبدأ الدستورى (حرية الرأى) ولروح الديمقراطية الحرة. ويرى فيها الشعب شعار الحرية، ويعتبر التعدى عليها تعديا على حرية المواطنين.
ويساند هذا النظام وعى الناخبين، ودأبهم على متابعة أداء كل من الحكومة والمعارضة وفحص مدى اتساقها مع مقتضيات الصالح العام وقدرتهم على تقييمها وتحديد أيهما على صواب وأيهما على خطأ.