جمعة حاشدة بالشعارات والدروس

وائل قنديل
وائل قنديل

آخر تحديث: الأحد 21 أكتوبر 2012 - 9:00 ص بتوقيت القاهرة

لا ينبغى لجماعة الأخوان وحزب الحرية والعدالة أن يفرحا بأن الحشود التى خرجت فى الجمعة الماضية لم تكن مليونية، فالغضب لا يقاس بالكم والعدد.. كما لا يجب أن تضخم القوى والحركات التى شاركت أمس الأول فى حجم الحضور، فكل الطرق والأسباب كانت تؤدى إلى صعود غير مسبوق لمؤشر الاحتجاج.

 

فالشاهد أنه توافرت لهذه الدعوات للتظاهر كل العوامل والعناصر التى تجعل منها مليونية قولا وفعلا، وتدفع بمئات الآلاف على الأقل لكى تتراص فى ميدان التحرير.. وبالنظر إلى سلسلة الأخطاء الإخوانية منذ جمعة «كشف الحساب» وهى الأخطاء التى اعترفت بها قيادات إخوانية علنا، وكذلك التصريحات الصادرة من الرئاسة، كان من المنتظر أن تنتعش سوق الاحتجاج والغضب محققة أرقاما قياسية، خصوصا فى ظل عدم الممانعة الصريحة لمشاركة عينات من البشر ما كان أحد يتصور امتلاكهم الجرأة على الاقتراب من ميدان التحرير فى يوم من الأيام.

 

إن الخطاب الرئاسى إلى رئيس الكيان الصهيونى بعباراته الموجعة للمشاعر الوطنية كان وحده كفيلا بتحريك عشرات الآلاف من المصريين للتظاهر والاحتجاج غضبا على هذه الإهانة.. كما أن التصريحات الصادرة من شخص الرئيس بشأن المشير والفريق كانت أيضا تصلح لصناعة جمعة أكبر من هذه التى تابعناها بكثير.

 

وأحسب أن قوى المعارضة بحاجة إلى مذاكرة دروس جمعة أمس الأول ووضعها على مائدة التحليل والتشريح، وإعمال مقياس المقدمات والنتائج.. وفى هذا كانت المقدمات هائلة وشديدة الضخامة، بما يثير الدهشة والاستغراب من حجم النتائج.

 

لقد كان الميدان خلوا من أى وجود للإخوان المسلمين، وقوى الإسلام السياسى، كما لم تكن هناك آلة أمنية متوثبة للتعامل الخشن مع المظاهرات، بما يعنى أن الساحة كانت مفتوحة لتقديم استعراض ثورى هائل، يقض مضاجع مؤسسة الحكم والأغلبية البرلمانية.

 

كما أن غالبية الشعارات المرفوعة كانت منطقية ومشروعة وجاذبة لكل التيارات والأطياف، فضلا عن أن حالة الميدان كانت نموذجية من حيث التأمين والتنظيم، علاوة على الأحوال الجوية المواتية، ناهيك عن الحفاوة الإعلامية بالحدث على مدى الأسبوع الماضى.

 

ومن هنا لا غضاضة فى أن تنظر قوى المعارضة مليا فيما جرى، وتراجع التجربة بكل ما فيها لكى تستفيد منها مستقبلا.

 

واللافت أن جدول أعمال هذه الجمعة كان مزدحما أكثر مما يجب، الأمر الذى صنع تشتيتا فى المطالب والأهداف، فكانت جمعة «إسقاط التأسيسية» وجمعة «إسقاط النظام» وجمعة «ارحل» أيضا، وفى الزحام خفتت هتافات القصاص والتطهير.

 

وفى المحصلة فإن جدول أعمال المعارضة المصرية فى حاجة إلى إعادة ترتيب، كما أن صمت هذه المعارضة على مماحكات الفلول وتمسح رموز الدولة العميقة فيها يفقدها الكثير من الوهج الثورى.

 

ورغم كل ذلك تبقى تظاهرات أمس الأول عملا مطلوبا ومحترما، لأنه ببساطة يعبر عن حيوية وحساسية ثورية لم تغب ولن تغيب، فقط تحتاج إلى ترشيد وتنقية وحسن تدبير، كى لا يمتزج التبر بالتبن.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved