الضغوط النفسية والريموت كنترول
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الجمعة 20 أكتوبر 2023 - 8:10 م
بتوقيت القاهرة
يتكرر كثيرا الحديث عن الضغوط العصبية والصحة النفسية هذه الأيام فى مواجهة ما يعرضه الإعلام للوضع الكارثى فى غزة.. يذكرنى بأيام غزو العراق والقهر النفسى الذى تعرضنا له ونحن فى مواقع المراقبة لتدمير إحدى عواصم الحضارة الإسلامية الزاهرة «بغداد» لا نملك ردا لاجتياح الغرب للعراق استنادا إلى كذبة الدمار الشامل التى صنعتها الإدارة الأمريكية وأجبر العالم على تصديقها.
ما أشبه الليلة بالبارحة.. تداعت الذكريات فعدت إلى تلك الأيام التى ألجأتنى لزيارة عالم الطب النفسى الأشهر رحمه الله وطيب ثراه الأستاذ الدكتور عادل صادق.
أنصت إلىَّ باهتمام شجعنى على الاسترسال فى وصف ما أعانيه من مرارة وإحساس بالضآلة والارتباك الذهنى فى مواجهة عجزى الكامل عن التعبير عن غضبى لما يحدث ورغبتى المستحيلة فى أن أساهم فى تغيير هذا المشهد المأساوى الذى وقف العالم أمامه فى موقف المتفرج لا يحرك ساكنا ولا يبدى حراكا.
ظل منصتا باهتمام ثم فجأة سألنى سؤالا كان بمثابة الصدمة فلم أستوعبه فى البداية «هل لديك ريموت كنترول؟».
لم أدرك لحظتها معنى السؤال إلى أن بدأ فى الشرح: إذا فاجأكِ الرعب وأنت تشاهدين فيلما على التليفزيون إلى الدرجة التى معها تزايدت نبضات قلبكِ وتتابعت أنفاسكِ فرد الفعل الطبيعى أن تبحثى عن «الريموت كنترول» لتغيرى الإرسال لمحطة أخرى.
أذكر جيدا أننى قد غادرت وقد ازدادت حيرتى: ثقتى الكاملة فى علمه ألجأتنى إليه لكن ما لديه من علم وضعنى فى خانة العاجز الذى عليه أن يستبدل المشهد بآخر هربا من القهر النفسى الذى سيهزم النفس بكل تأكيد.
أذكر أيضا أننى ذكرت له هذا بوضوح وأن رده كان: أنا أحميك من نفسك.. كونى معها ولا تقفى أبدا ضدها فهذا ما يقود للانهيار النفسى.
كان بلا شك محقا: هذا ما أردده اليوم عن ثقة وإن كنت أرغب فى أن أعيد صياغة نصيحة طبيب النفس الأشهر عادل صادق فى صورة أقرب إلى معتقداتى:
الضغوط النفسية سلاح خفى يهاجم الإنسان بضراوة يباغته دون مقدمات تشير إليه يحيل الإنسان إلى ما عرفناه «بالنشافة» التى تمتص الحبر من على صفحات الأوراق.
كن لنفسك دائما الدعم والسند وابحث دائما عن المنفذ الآمن الذى يمكنك عن طريقه التخلص من تلك الضغوط بصورة تلائم قناعاتك وترضى ضميرك سواء كانت تلك الضغوط شخصية أو عامة.
التخلص من الضغوط النفسية يتم بمواجهتها ومحاولة تفكيكها وحلها والبحث عن كل ما يجلب الثبات النفسى وذلك دون شك يعتمد على مفردات حوارك مع نفسك: لكل منا لغة يخاطب بها نفسه فليستخدمها ويعمل دائما على تطويرها.
إذا كان من الضرورى أن تلجأ للريموت كنترول لتهرب من البث التليفزيونى لمجازر وحصار غزة.. لك أن تشاهد حوار باسم يوسف مع بيرسى مورجان فقد يلهمك حلا للتخلص مما نعانيه الآن جميعا من ضغوط نفسية.