معضلة الانتخابات الليبية
طلعت إسماعيل
آخر تحديث:
الإثنين 20 ديسمبر 2021 - 10:15 م
بتوقيت القاهرة
تحولت الانتخابات الرئاسية الليبية من أداة لحل الأزمة السياسية والمعضلات الأمنية التى تضرب البلاد منذ عقد من الزمان، إلى جزء من الأزمة نفسها، بعد فشل جميع الأطراف الفاعلة فى تأمين إجراء الاستحقاق الانتخابى فى الموعد الذى كان مقررا له الجمعة المقبلة 24 ديسمبر 2012، فى وقت بات الحديث عن تأجيل تلك الانتخابات هو سيد الموقف.
وفى ظل حالة عدم اليقين وإحجام الأطراف المعنية عن إعلان رسمى واضح حول مصير الانتخابات، (حتى كتابة هذه السطور)، علت الضبابية المشهد الليبى، وسط تبادل اتهامات من كل طرف للآخر، رغم أن الجميع مشاركون فيما وصلت إليه الأمور من تعقيد، فرئيس مفوضية الانتخابات فى ليبيا عماد السايح، أشار (الأحد 19 ديسمبر)، إلى عدم وجود أية مشاكل فنية فى إجراء العملية فى موعدها المقرر فى 24 ديسمبر الحالى مؤكدا أن إعلان التأجيل من اختصاص مجلس النواب.
وعلى الرغم من عدم إعلان مجلس النواب الليبى قرارا بالتأجيل، كما تطالب المفوضية، اعتبر رئيس لجنة متابعة سير العملية الانتخابية فى المجلس، الهادى الصغير، إن تأجيل الانتخابات «أصبح أمرا واقعيا»، داعيا المفوضية إلى تحديد موعد جديد لإجرائها، راميا الكرة فى ملعب المفوضية مرة أخرى.
دعوات التأجيل التى خرجت من العديد من الأطراف والتى أرجعها المستشار الإعلامى لرئيس مجلس النواب الليبى، فتحى المريمى، إلى «صعوبات وعراقيل» وضعت أطرافا إقليمية ودولية منخرطة فى الساحة الليبية فى موقف حرج، وأظهرت تلك الأطراف التى شاركت فى إحداث توافق على دخول الليبيين فى المسار السياسى الذى يضمن إنهاء الفرقة والانقسام، وتوحيد البلاد، وإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضى الليبية، بمظهر العاجز قليل الحيلة.
الولايات المتحدة الأمريكية التى طالما هددت الساعين إلى عرقلة الانتخابات بعقوبات، يتساءل المراقبون عن مدى جديتها لتنفيذ هذا التهديد بعد أن دخل الاستحقاق الانتخابى الليبى فى نفق مظلم، خاصة أن البعض يعتبر تلك العقوبات التى قد تطال بعض قادة الميليشيات لن يكون لها أى تأثير، بدليل أن بينهم من فرضت عليه واشنطن عقوبات بالفعل!
كما تجد الدول الأوروبية التى شاركت فى مؤتمر باريس، الذى عقد فى العاصمة الفرنسية (نوفمبر الماضى)، نفسها فى موقف لا تحسد عليه، بعد أن تجاوز المشهد تهديدها بفرض عقوبات على أى طرف يعرقل الانتخابات فى ليبيا، وعدم قدرتها على إحداث ثأثير يمنع تأجيل الانتخابات التى تشير جميع المعطيات على الأرض استحالة إتمامها يوم الجمعة المقبل، ومن هنا كان منطقيا التسليم الأوروبى على ما يبدو بتأجيل هذا الاستحقاق.
ووفقا لوكالة الأنباء الإيطالية «نوفا» (السبت 18 ديسمبر) فإن هناك «توجها نحو تأجيل الانتخابات الليبية إلى يناير أو فبراير المقبل نظرا لعدم جاهزية المفوضية العليا لإعلان القوائم النهائية للمرشحين للانتخابات الرئاسية والنيابية، نتيجة وجود بعض العراقيل الفنية»، حسب الوكالة التى أشارت إلى أن هناك اتجاها لتعيين حكومة جديدة لقيادة ليبيا إلى موعد الانتخابات الجديد، وأن البرلمان قد يعلن عنها الأسبوع المقبل.
تقرير الوكالة الإيطالية، أكد بعض ما جاء فيه تصريحات صحفية للهادى الصغير فى اليوم التالى، أشار فيها إلى أن مجلس النواب قرر عقد جلسة فى 27 ديسمبر الحالى برئاسة عقيلة صالح، وأن تلك الجلسة ستخصص لاختيار حكومة جديدة لتسيير الأعمال، بدلا من الحكومة المؤقتة برئاسة عبدالحميد الدبيبة.
وفى ظل الوساطة التى تجريها ستيفانى ويليامز التى عينها الأمين العام للأمم المتحدة كمستشارة خاصة لليبيا، بين جميع الأطراف، لتمهيد الطريق لوضع اتفاق سياسى خلال الفترة التى ستؤجل فيها الانتخابات، علينا فى مصر أن نتابع لحظة بلحظة ما يدور على الساحة الليبية بعيون يقظة، وأن نسعى لمواصلة جهود التقريب بين الفرقاء لضمان استقرار ليبيا باعتباره مصلحة مصرية.