مرة أخرى.. أطفال الشوارع
سامح فوزي
آخر تحديث:
الأربعاء 21 يناير 2015 - 7:55 ص
بتوقيت القاهرة
أثرت الأسبوع الماضى قضية «أطفال الشوارع»، واعتبرتها جزءا معتبرا من ثقافة «الهوجة» التى تجتاح العمل العام، حيث تستيقظ حين يقع حدث جلل، ونسمع كلاما عريضا، ثم تتوارى القضية، ولا نجد أثرا لأى معالجة جادة لها فى الواقع.
عقب ذلك تواصلت مع الدكتور مسعد رضوان، مستشار وزيرة التضامن الاجتماعى للتخطيط وبناء القدرات، وهو صديق قديم، تزاملنا فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية خاصة فى مرحلة الدراسات العليا فى مصر وبريطانيا، وأعرف عنه التزامه، وخبرته فى المزج بين المعرفة النظرية المعمقة والخبرة الميدانية الواسعة.
قال لى: هناك مبالغة فى رصد حجم ظاهرة أطفال، وهناك مسح شامل قامت به الوزارة، وهو الأول من نوعه، خلص إلى أن العدد الاجمالى 16 ألفا، مع توقع نسبة خطأ إحصائى تصل إلى 20% فى تقدير الاعداد (يصل العدد إذن إلى 20 ألف طفل)، نظرا لأن الظاهرة متحركة جغرافيا، وشديدة التغيير فى ملامحها. وأعتبر أن الدراسة هى محاولة أساسية يمكن على أساسها تحديد برامج أو أنشطة أو ما يُطلق عليه فى حقل التنمية «تدخلات» مناسبة للحد من الظاهرة. وأفاض ــ فى رسالة الكترونية ــ فى الحديث عن صور التدخل منها: تصميم آلية تقديم خدمات للأطفال بلا مأوى من خلال الجمعيات الأهلية، خاصة فى المناطق المستهدفة ــ أى الجاذبة أو الطاردة لأطفال الشوارع ــ وتطوير قدرات مؤسسات الرعاية الاجتماعية للأطفال فى خطر والأطفال فى نزاع مع القانون. وذلك من خلال تطوير قدرات 37 مؤسسة (نسبة الإشغال بها لا تتعدى 50 %)، وتوظيف الخدمات الحكومية المتاحة فى نطاق المناطق المستهدفة والمتعلقة بقضية اطفال الشارع (وزارة الداخلية ـ وزارة الصحة ـ وزارة التربية والتعليم ـ المجلس القومى للطفولة والأمومة ـ خط نجدة الطفل ـ وزارة القوة العاملة والهجرة)، وأخيرا إنشاء مرصد لمتابعة الظاهرة وقياس التغييرات المرتبطة بها. ويهدف هذا التدخل إلى وضع آليات لرصد الظاهرة، وذلك من خلال تصميم برنامج للمعلومات الجغرافية من أجل متابعة تحركات الظاهرة.
انتهى كلام الدكتور مسعد رضوان الذى آثار شجونا كثيرة.
رغم كل ما قيل عن أطفال الشوارع خلال السنوات الماضية، لم تكن هناك دراسة تحوى إحصاءات واضحة إلا دراسة محدودة عام 2007م، ثم المسح الذى قامت به وزارة التضامن الاجتماعى مؤخرا، معنى ذلك أن الحديث حول هذه الظاهرة يظل بلا أرقام أو إحصاءات متفق عليها، فضلا عن أن آلية التنسيق بين مختلف الجهات الحكومية وغير الحكومية محدود، ولا توجد استراتيجية حتى الآن بالمعنى الحقيقى للتصدى لظاهرة أطفال الشوارع كما أنها لم تكن موجودة فى السابق.
جيد أن تقوم وزارة التضامن الاجتماعى بمسح اجتماعى، ولكن الأهم أن تظهر برامج وأنشطة على أرض الواقع. اللافت للنظر أن ما يحدث فى ظاهرة أطفال الشوارع يبدو أنه نموذج متكرر فى التعامل مع مشكلات أخرى: غياب الاحصاءات، تضارب الأرقام، عدم وجود تصورات استراتيجية، تعدد الجهات الحكومية المعنية دون وجود تنسيق بينها، وأحيانا يظهر تضارب فى المصالح وتنافس ليس فى صالح العمل.