تحضيرات «حماس» لمسيرة النكبة ومعركة الوعى
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
الأربعاء 21 مارس 2018 - 9:25 م
بتوقيت القاهرة
تقوم قيادة «حماس» فى قطاع غزة بالإعداد لخطوة توعية شديدة التأثير ــ مسيرة العودة الكبرى، التى سيسير فيها آلاف المواطنين الفلسطينيين من القطاع فى اتجاه السياج الأمنى على الحدود مع إسرائيل وينصبون على طوله خيما. الهدف من المسيرة التى من المفترض أن تجرى فى 14 مايو، بمناسبة مرور 70 عاما على إعلان دولة إسرائيل، هو تجسيد مشكلة اللجوء الفلسطينى وتظهيرها وربطها فى الوعى بالضائقة التى يعانيها قطاع غزة. كما تهدف هذه الخطوة إلى تقديم المساعدة لقيادة «حماس» فى صراعها على الساحة الفلسطينية فى ضوء تقديرها بأن هناك احتمالا كبيرا لأن تفشل محادثات المصالحة بينها وبين السلطة الفلسطينية، وأن ينشأ وضع تقود فيه «حماس» النضال الوطنى، كبديل ملائم عن حركة «فتح». ويمكن التقدير أيضا بأن هدف الخطوة هو توجيه الإحباط الذى يعانيه سكان القطاع حيال «حماس» نحو النضال الوطنى ضد إسرائيل، مع الأخذ فى الاعتبار أن خطوة من هذا الحجم الكبير ستضعه إسرائيل فى مواجهة تهديد يتمثل فى «وعى ــ سياسى» على الساحة الدولية سيكون من الصعب عليها مواجهته، بسبب كبر حجمه ولأنه يتعلق بمواطنين غير مسلحين يحتجون على ضائقتهم فى مواجهة جنود مسلحين يمثلون مصدر هذه الضائقة. هذا هو الوعى الذى ترغب «حماس» فى بلورته. علاوة على ذلك، من المفترض بهذه الخطوة، كما تقدر «حماس» وتأمل، أن تحرج القيادة الإسرائيلية فى الداخل وفى الساحة الدولية، وأن تغير الرأى العام فى الساحة الدولية، وأن يترجَم ذلك إلى تعبئة جارفة هدفها كبح التدهور الاقتصادى والبنى التحتية فى القطاع.
من المنشورات والبيانات التى وزعتها «حماس» فى إطار الإعداد للحملة يمكن أن نلاحظ جهدا للربط بين القرار 194 الصادر عن الأمم المتحدة فى ديسمبر 1948، الذى يمنح شرعية دولية لحق العودة الفلسطينى، وبين رموز رواية اللجوء (مثل حمل مفتاح المنزل الذى غادره سكانه الفلسطينيون أو طُردوا منه فى أثناء حرب الاستقلال، والاحتفاظ به)، وبين الروحية الفلسطينية الوطنية بشأن فلسطين الكاملة. كما تبرز رغبة منظمى المسيرة فى المقارنة بين النكبة وكارثة اللجوء وبين ضحايا المحرقة النازية، وذلك من خلال ارتداء المشاركين فى المسيرة اللباس المخطط للمعتقلين فى المعسكرات النازية.
ينوى المنظمون الذين ينشطون أيضا من خلال وسائل التواصل الاجتماعى، تجنيد نحو 100.000 مشارك فى المسيرة. قد يبدو العدد مبالغا فيه، لكن يمكن التقدير بأنه إذا استمرت جهود الإعداد والتجنيد فإن فى استطاعة المنظمين جمع آلاف كثيرة. يحرص المنظمون على وصف المسيرة بالتحرك «اللاعنفى»، وأن هدفها حشد تعاطف دولى وتأييد للموضوع الفلسطينى، لكن مناسبات من هذا النوع يمكن بسهولة نسبية أن تخرج عن السيطرة وأن تتصاعد وتصبح عنيفة. وليس من المبالغ فيه الافتراض، من وجهة نظر المنظمين، بأن الانزلاق نحو العنف يخدم الرسالة التى يريدون تمريرها لأنها ستجر إسرائيل إلى الرد، وستشوه وجهها وستساعد على زيادة عملية التوعية المطلوبة فى الساحة الدولية وكذلك فى الساحة الداخلية الفلسطينية.
وعلى الرغم من أن الحملة كلها تستهدف الوعى، إلا إنها تضع إسرائيل فى مواجهة تحدٍ يجمع، من جهة، بين التهديد الأمنى المحسوس جراء محاولة اجتياز حدود القطاع، ومن جهة أُخرى، بين تهديد على صعيد الوعى يضع الرد الإسرائيلى تحت ضوء سلبى أمام الجماهير التى تستهدفها الحملة. فى مواجهة هذه التهديدات يتعين على دولة إسرائيل الرد على عدة مستويات.
لا تستطيع إسرائيل السماح لنفسها بالمس بصورة كبيرة بالبنية التحتية الأمنية ولا بالتساهل حيال محاولات المتظاهرين اجتياز العائق. وإذا حدث ذلك، سيستخدم الجيش الإسرائيلى القوة. وتدل تجربة الماضى على أنه سيستخدم وسائل تفريق التظاهرات، وفى الحالات القصوى قد يطلق نيران القناصة على الجزء الأسفل من أجساد المتظاهرين الذين يعرضون قوات الجيش للخطر. وهذه الصورة ستكون هى تماما ما يبحث عنه المنظمون. فى المعركة على الوعى يجب على إسرائيل أن توجه خطواتها نحو أربعة جماهير مستهدفة فى آن واحد: قيادة «حماس»، سكان القطاع، الساحة الدولية، والجمهور الإسرائيلى فى الداخل.
يجب بلورة الجهد من أجل محاربة هذا الوعى حول ثلاث رسائل أساسية: الأولى، فشل قيادة «حماس» فى إدارة القطاع، وخيانة وظيفتها ومسئوليتها حيال مواطنيها، ومنع هؤلاء السكان من الحصول على المساعدة المطلوبة من أجل التخفيف من الضائقة الإنسانية، والسعى للتخلى عن مسئوليتها وتوجيه الإحباط نحو احتكاك مقصود مع القوى الأمنية الإسرائيلية على طول الحدود، من خلال تعريض مواطنيها للخطر مثل استخدامهم كدروع بشرية فى معارك سابقة. الرسالة الثانية هى، على إسرائيل الدفاع عن حدودها وعن سيادتها ومنع مواطنين فلسطينيين من المس بالجدار الأمنى أو اجتيازه نحو الأراضى الإسرائيلية، وذلك من خلال فرض القانون الدولى وبغطاء منه. الرسالة الأخيرة، دعوة إسرائيل قيادة «حماس» والمجتمع الدولى إلى الامتناع عن تعريض حياة المدنيين الفلسطينيين إلى الخطر، وتحذير «حماس» من الثمن الذى ستدفعه جراء مسئوليتها المباشرة عن أحداث يمكن أن تقع، وتحذير سكان القطاع من تعريض حياتهم للخطر من أجل مصالح «حماس».
كوبى ميخائيل وغابى سيبونى
باحثان فى معهد دراسات الأمن القومى