التعافى من الحب!


رضوى أسامة

آخر تحديث: الأربعاء 21 أبريل 2010 - 10:33 ص بتوقيت القاهرة

 جاءت تشكو لى من مشاعر الخوف والوحدة اللذين شعرت بهما بعد انفصالها، أول سؤال وجهته لى كان: «هل من الأفضل الدخول فى علاقة أخرى للتعافى من العلاقة السابقة؟»، كانت تحركها مشاعر الخوف والقلق من أن تظل بلا علاقة، أتفهم جيدا هذه المشاعر، أن تشعر بأنك ستعود وحيدا بدون الشريك الآخر، سواء كنت فى علاقة زواج أو علاقة حب.

يندفع الكثيرون للدخول فى علاقات بسرعة شديدة بعد انتهاء العلاقة الأولى، أتذكر مقولة صديق: «أحب أن أقيم فترة حداد»، هذه الفترة ضرورية للغاية للتمعن فى الماضى واستكشاف أكبر للنفس لمواجهة الحاضر والمستقبل، على الرغم من إصرارنا أحيانا بأن الآخر هو الذى تسبب فى انتهاء العلاقة وأنه لا يصلح لها، إلا أننا فى هذه الفترة نحتاج للبحث بأمانة شديدة عن سبب الانفصال، فى العلاقات هناك طرفان، بمعنى أن هناك فعلا، ورد فعل، لا يمكننا القول أن طرفا واحدا تسبب فى انتهاء العلاقة، حتى لو كنت فى علاقتك مثاليا جدا تحب الطرف الآخر بشدة، لكنك كنت متورطا فى رد الفعل أو ربما الفعل ذاته.

هنا أنا لا أتحدث عن كيفية استكمال العلاقة، لقد فردت لها عدة مقالات من قبل، أنا أتحدث عن ما بعد انتهاء العلاقة، عن تلك الفترة التى تعقبها، عن ذلك الوجع الذى يدفع الكثيرون للدخول فى علاقة سريعا لتسكين الألم، العلاقة الجديدة هنا مثلها مثل المخدرات التى يتعاطاها الشخص لتسكين الألم النفسى.

يتساءل الكثيرون عن المدة الكافية للدخول فى علاقة جديدة، لكن الإجابة ليست واحدة وتتوقف على عدة عوامل منها مدى عمق العلاقة الأولى ونوع العلاقة، هل كانت علاقة زواج أم ارتباط عاطفى، وطول العلاقة، وسبب الانفصال، ونوع الإيذاء المصاحب، هل هو نفسى فقط أم جنسى أم بدنى، هناك عوامل عديدة تتدخل فى تحديد المدة الكافية للدخول فى علاقة جديدة، هناك أيضا عوامل خاصة بالفرد مثل مدى تقبله للأمر، ومدى صلابته النفسية.

لكننا على كل نتفق على أهمية أخذ فترة قبل الدخول فى علاقة جديدة، على ألا تقل الفترة عن ستة أشهر، من الممكن أن تزيد كلما زاد تأثير هذه العوامل على الفرد.

من أكثر الحالات التى أتذكرها فتاة تزوجت من شخص تحبه وكانا فى علاقة عاطفية عميقة، لكنها تبنت كل وجهات نظره فى الحياة، لم تضع حدودا لشخصيتها، وبعد الانفصال بثلاثة أشهر دخلت فى علاقة عاطفية أخرى لم تضع فيها حدودا أيضا وتبنت فيها كل وجهات الطرف الآخر والتى كانت تختلف كليا عن وجهات نظر زوجها الأول.

ذلك الذوبان وعدم وضع الحدود والدخول فى علاقة بسرعة شديدة وضعتها فى حالة من الاكتئاب الشديد، بالطبع بالاضافة لعوامل أخرى لسنا بصدد الحديث عنها.

أعرف جيدا أن الكثيرين ربما يقتنعون بذلك، لكنهم لا يستطيعون تنفيذه، أتفهم الألم الذى يصحب انتهاء تجارب الحب، والرغبة الملحة فى إنهائه حتى ولو بدخول تجربة جديدة، أن تجد من يهتم بك، ويمنحك إحساسا بالدفء.

لكنى أعرف أيضا أن ذلك الشعور وهمى، مثله مثل المخدرات التى تمنحك فى البدء قدرة على تحمل الألم، لكنها بعد فترة تصبح سببا رئيسيا فى الألم.

التعامل مع الألم الناتج من الخروج من علاقة أفضل كثيرا من تسكينها بعلاقة جديدة، فلنمنح أنفسنا فترة نفهم فيها ذواتنا ونفكر بأمانة شديدة فى أسباب انتهاء العلاقة، دورى أنا فى انتهاء العلاقة، فى كل العلاقات ستجد دورا لك، ربما لم تتخذ دور الفعل، بل كنت رد فعل سلبيا أثر بشكل ما على العلاقة.

تذكر أنك بعد خوضك لهذه التجربة والتى ستتعافى خلالها من تأثير علاقتك ستصبح أنضج وأكثر خبرة واستمتاعا بالدخول فى التجربة الثانية. فقط امنح نفسك فرصة للتعافى مستخدما كل مهاراتك. تعلم مهارات جديدة لاكتشاف ذاتك.

الانزلاق بسرعة فى علاقة جديدة سيجعلك تنزلق أسرع نحو الشعور بعدم الرضا، فتكتشف بعد وقت بأنك لا تحب الطرف الثانى ولست راضيا عن العلاقة لكنك لا تسطيع فى ذات الوقت الاستغناء عنه.
تحتاج فترة للتصالح مع ذاتك، أن تعتاد كلمة أنا بدلا من نحن، أن يحدث الانفصال ذهنيا ونفسيا على المستوى الواقعى، أكرر مرة أخرى أنه صعب لكنه ليس مستحيلا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved