فـورمات

غادة عبد العال
غادة عبد العال

آخر تحديث: الخميس 21 أبريل 2011 - 9:55 ص بتوقيت القاهرة

 جمهور نادى الزمالك تدفق إلى أرض الملعب، البعض كسر اللافتات والبعض الآخر كان يجرى خلف لاعبى الأفريقى التونسى ليقوم بالاعتداء عليهم بالضرب، وبينما انشغل الأكثرية فى متابعة مناورة «الراجل أبوجلابية» وتفرغوا لمحاولة فهم أيديولوجياته ودوافعه وهل هو سلفى أم إخوانى أم فلول أم من كوكب أورانوس، انشغل البعض الآخر فى تأمل أصحاب الترنجات السوداء، يلتفون حول الحكم لمنع الغاضبين من الوصول إليه، يلتفون حول اللاعبين لمحاولة حمايتهم لكن فى النهاية لا يبدو أن لهم حولا ولا قوة.. اختطاف ابنة عفت السادات، يسلم الأب الفدية لكنه لا يجد ابنته فى مكان التسليم، يجرى من مكان لمكان حسب تعليمات الخاطفين له عن طريق التليفون حتى يجدها، معركة بالأسلحة النارية بين الخاطفين من جهة وقوت الأمن من الجهة الأخرى حتى يتم القبض على الخاطفين، لكن التدخل الأمنى لم يكن ليأتى بنتائج لولا تدخل الجيش، إطلاق نار وفرض إتاوات، خطف واغتصاب فتيات، سرقة محلات، وضع اليد على وحدات سكنية، سرقة آثار، و72 ألف حالة تعد على أراضٍ زراعية.. كلها قطع فسيفساء تكون صورة كبيرة لحالة الانفلات الأمنى الذى نعيش فيه بسبب استمرار غياب دور الشرطة. من جهة ممكن تشوف إن الشرطة فى حالة دلع مرىء ولازم يشربوا بيريل وينزلوا أماكنهم بأه، من جهة تانية ممكن تكون مش عايز تشوف خلقة خيال ظابط فى الشارع بسبب ميراث كراهية كلنا شايلينه فى قلبنا ودم لسه ما بردش، بس من جهة تالتة أكيد إنت حاسس بحجم المعضلة، مافيش دولة من غير أمن، وإحنا كلنا معترضين على طريقة أداء الشرطة لعملها، يبقى الحل إيه؟، تتراوح الاقتراحات بين إعادة هيكلة، وعلاج نفسى وتغيير زى، ووصلت حتى المطالبة بإقالة كل أعضاء جهاز الشرطة واستبدالهم بخريجى كليات الشرطة أو كليات أخرى، وكلها حلول بتطبيقها هنكون بنغير تغييرات سطحية بينما تظل هناك مشاكل عميقة فى طريقة تدريب وعمل ضابط الشرطة مع الوقت هتوصل لرجوع ريما لعادتها القديمة، باختصار المنظومة كلها محتاجه «فرمته» وبداية الـ«فورمات» لازم تكون طريقة تدريب طلبة كلية الشرطة وبعدها لازم توفر الأدوات اللى بتساعد ضابط الشرطة على أداء عمله بكفاءة، على سبيل المثال كلنا بنعترض على العنف الزائد من الشرطة أثناء توقيف المتهمين، بس ما نعرفش إن طالب كلية الشرطة لا يتلقى تدريبا كافيا على الرياضات القتالية، ما يعرفش لما يواجه المتهم يعمل حركتين من بتوع ستيفين سيجال فيقيد حركته بدون أذية، ما بيعلموهوش فى الكلية غير أسلوب فريد شوقى إنه يفضل يضرب فى المتهم عشان يقدر يسيطر عليه ويحبسه، المثال التانى هو وقت التحقيق، برضه ما بيتعلمش غير طريقة أشرار أفلام نادية الجندى، مافيش معاه أخصائى بصمات ولا بتوع (دى إن إيه) ولا خبراء مراقبة تليفونات لأن كل دول مجندين فقط لخدمة أمن الدولة، ده غير إن مدة عمله فى اليوم هى 16 ساعة أحيانا بتوصل لـ24 وماعندوش إجازات وبيقبض 1000 جنيه وده مبرره لأن أعصابه تبقى على شعرة، أو إنه يعيش تحت الشعار اللى معظم موظفين الحكومة كانوا عايشين تحته «على قد فلوسهم»، ده طبعا غير نظرية «إحنا أسيادهم» اللى بيزرعوها فى عقله من أول يوم فى الكلية، المهم أنا ما أقدرش أعيش من غير أمن ولهذا فأنا وبالتأكيد ناس كتير غيرى بنطالب بنزول الشرطة بكامل قوتها للشارع، مع الأخذ فى الاعتبار إننا ضد المسكنات، ما تسكتوناش بتغييرات سطحية ونرجع بعد سنة أو اتنين ننحدر لنفس المستنقع اللى كنا فيه، عايز تطهير من المنبع، ولغاية ما يحصل ده لازم كلنا نستحمل، إحنا كشعب نسمح بنزول الشرطة بدون تصفية حسابات بإيدينا بعيدا عن مجرى القانون، وعلى ضباط الشرطة اللى يهمهم مصلحة البلد إنهم ينزلوا لشغلهم ويرجعوا الإحساس الأمنى فى الشارع بالأدوات المتوفرة لغاية ما تحصل عملية الفورمات، لازم كمان يتحكموا فى أعصابهم ويلتمسوا العذر لناس كتير هينظرولهم ويتعاملوا معاهم بطريقة سلبية لأن للأسف السيئة بتعم، وسيئات زمايلهم كان عددها أكتر من عدد النجوم اللى على أكتافهم بكتير.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved