حرب القمح ومعارك المولوتوف

وائل قنديل
وائل قنديل

آخر تحديث: الأحد 21 أبريل 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

لو صدق ما أعلنه وزير التجارة والصناعة عن القمح فسيكون هذا أسعد أخبار مصر على الإطلاق منذ سنوات.

 

الوزير أعلن أنه لأول مرة فى التاريخ يصل إنتاج مصر من القمح هذا العام إلى نحو عشرة ملايين طن، وهذا يعنى أننا بتنا قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى الاكتفاء الذاتى.

 

إذن هذه هى حربنا المقدسة بعد ثورة 25 يناير، تلك الحرب التى تستحق توجيه كل الطاقات للفوز بها.. حرب نظيفة ومحترمة تغسل مصر من روث معارك المولوتوف وأسلحة الخراب الشامل.

 

إن تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح ليس مجرد إنجاز زراعى أو اقتصادى، وإنما يعنى أن أمة قررت أن تنبعث مجددا من تحت ركام العوذ والحاجة، وأن تمد قدميها وتضرب بهما الأرض فتثمر خيرا، بدلا من أن تمد يديها تسولا واستجداء من هنا وهناك.

 

إنه عبور سياسى وحضارى يستوجب أن نؤمنه وندافع عنه ونحميه بأرواحنا ودمائنا حتى يكتمل، ليحررنا من استعمار البطون وينقلنا إلى مصاف الأمم المحررة غذائيا، ومن ثم ينبغى التصدى بكل حزم لعصابات تجويع المصريين وتركيعهم التى تتواتر أنباء عن مؤامراتها لإجهاض حلم زراعة القمح فى نفوس الزراع والفلاحين، ولو صح ذلك فإن معركة نبيلة يجب أن يخوضها كل مواطن للتصدى للصوص الأحلام وقراصنة الثورة المضادة.

 

وأذكر أنه فى عام 2010 وحين عصفت أزمة استيراد القمح بسلة غذاء المصريين قلت فى هذا المكان إن لدينا وزراء يكرهون خبز أمهم، كلما نادى أحد بالتوسع فى زراعة القمح استدعوا على الفور فزاعة الموت عطشا، متحججين كذبا وبهتانا بأن زيادة المساحات المزروعة قمحا ستؤدى إلى أزمة مياه تفتك بالمصريين عطشا.

 

وأذكر أن وزير زراعة سابقا أكد لى أن اكتفاء مصر ذاتيا من القمح ممنوع بالأمر الأمريكى، كى تبقى مصر سجينة التبعية الغذائية، ومن ثم التبعية السياسية، وروى لى مصدر أثق فى مصداقيته واقعة لا تخفى دلالتها على أحد مؤداها أنه فى فترة رئاسة بيل كلينتون للولايات المتحدة كان نائبه آل جور فى زيارة إلى مصر وقرر أن يسافر لمشاهدة مشروع توشكى على الطبيعة، وسافر إلى هناك يرافقه وزير الرى المصرى فى ذلك الوقت، ولم يكن معهما صحفيون ولا إعلاميون على الطائرة وحين وصلا سأل آل جور الوزير أبوزيد ماذا أنتم فاعلون بهذه الأراضى فرد الأخير نخطط لزراعتها قمحا..ابتلع آل جور الإجابة دون أن يعلق وبعد أقل من ساعة من العودة إلى القاهرة رن هاتف الوزير وكان المتصل وزير الزراعة فى ذلك الوقت يوسف والى ولم تخرج المكالمة عن توجيه سؤال غاضب: هل تحدثت مع نائب الرئيس الأمريكى فى زراعة توشكى بالقمح فرد: نعم فطلب والى بصرامة من وزير الرى عدم الكلام فيما لا يخصه بعد ذلك، «بالبلدى كده ما تبقاش تتدخل فى اللى مالكش فيه تانى».

 

مرة أخرى لم يكن هناك أحد على الطائرة التى أقلت الوزير ونائب كلينتون إلى توشكى سواهما، ولاحظ معى السرعة المذهلة التى عبر بها والى عن انزعاجه نقلا عن انزعاج آل جور.

 

وللحديث بقية..

 

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved