مأزق الحكومة ومأزقنا

عمرو خفاجى
عمرو خفاجى

آخر تحديث: الأحد 21 أبريل 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

جزء كبير من مأزق حكومة الدكتور هشام قنديل، أنها لا تجد لها مؤيدا أو نصيرا، فهى حكومة يتيمة بالفعل لا تجد من يدافع عنها، أو يقوم بالترويج لها، بما فى ذلك الحزب الذى من المفترض أنها تمثله باعتباره الحزب الحاكم (باستثناء الرئيس محمد مرسى فهو الداعم الوحيد لها)، كما أن جميع القوى السياسية وبعض أقطاب النخب، وكأنما اتفقوا أن تكون الحكومة هى أداة المعركة وساحتها، دون أن يلتفت أى منهم إلى أن هذه الحكومة، سواء وافقنا عليها أو عارضناها، هى الجهة التنفيذية التى تقوم على تقديم الخدمات للمواطنين، وبصراحة هذا هو مأزقنا نحن، ومأزق كل مواطن ينتظر من الحكومة تدبير سلعة أو توفير خدمة، والحقيقة أن الحكومة الآن هى تابعة للرئيس وهو المسئول عن تشكيلها أو تعديلها أو حتى تغييرها، ويبقى لنا الحساب والمراقبة، وبصراحة مطلوب بشكل واضح من مؤسسات الحكم إعلان مواقفها من هذه الحكومة، وهنا يجب ألا يلعب حزب الحرية والعدالة، أو الأحزاب المؤيدة للرئيس دورا غامضا فى إرباك المشهد فإما التأييد حتى تستطيع الحكومة أن تعمل وإما التغيير ليعمل غيرها وعلى المعارضة إعلان موقفها الرافض لأدائها وهذا حقها، وبالمناسبة هذا ما يحدث فى بلدان العالم كله.

 

مأزق الحكومة أنها تعمل وفق ميزانية لم تضعها، وتضم وزراء مثل الفرقاء لا يجمعهم هوى سياسى، ولا اتفاق فكرى، ولا هدف وطنى، يعملون وسط مطالبات حادة من المواطنين استنادا على أهداف الثورة، ووعود من الرئيس حينما كان مرشحا يبحث عن أى صوت أو تصويت، فلا إمكانيات الحكومة تسمح بتحقيق المطالب، ولا موارد الدولة تقوى على تنفيذ الوعود، وبينهما تغيب الشفافية فى إعلام الرأى العام حقيقة الأوضاع لأن هناك جماعة وحزبا يشاركان فيها ويعتقدان أيضا أنها حكومتهما، رغم مداهمتها من حين لآخر بضربات لا تستطيع الحكومة ردعها، أما ما يؤلم البعض من هذا الفريق الوزارى أن تصريحات الإخوان تتحدث عن نجاح هائل وغير مسبوق للوزارات التى يشغلها من ينتمون للجماعة (نموذج التموين والشباب) فى ذات اللحظة التى لا يتورعون فيها عن المطالبة بإقالة وزراء آخرين لا ينتمون إليهم، معلنين فشلهم فى الأداء وإخفاقهم فى تحقيق النتائج وعجزهم عن تطبيق برنامج الحزب الذى خاضوا به الانتخابات البرلمانية.

 

أما مأزقنا نحن، فهو نتاج لكل ذلك، فكل ما طالبنا به لا يتحقق بدعوى أن الحكومة لا تملك قرارها، وأنها ليست حكومة الإخوان، وأن الإخوان لا يحكمون حتى الآن، وأن هؤلاء الوزراء لا يصلحون، وأن الإخوان عندما يتمكنون من الوزارة ستكون الأمور على ما يرام، وستبدأ النهضة بالفعل والخير سيعم البلاد، ومأزقنا أننا لم نعثر على أى شىء وعدنا به الرئيس والحزب، لا الأمن استتب ولا السلع توافرت ولا الخدمات تحسنت، فقط نتفق جميعا على أن الحكومة عاجزة وأنها المسئولة عن ذلك، وحينما نطالب بتغييرها، إنقاذا للموقف ولتحسين الأوضاع، هنا يخرج الرئيس ورجال الحرية والعدالة للتأكيد على أن الحكومة أنجزت الكثير وتقوم بواجباتها، وعلينا الانتظار حتى الانتخابات البرلمانية لتشكيل الحكومة وفقا لاختيارات الشعب.

 

وما بين مأزق الحكومة ومأزقنا، تدهورنا جميعا، أمنيا واقتصاديا وسياسيا وتشريعيا وتدهورنا على مستوى جميع الخدمات الصحية والتعليمية، والنقل والمواصلات، والقطاع العام والخاص، الزراعة والصناعة، وحتى الرياضة والثقافة، ولم يتبق لنا إلا الانتظار.. انتظار أى شىء ربما يحمل بين طياته أى حل لهذا المأزق.. أما الحكومة فهى المسئولة عن مأزقها ومأزقنا أيضا، لأن لديها قرارا شريفا اسمه الاستقالة، وهو القرار الذى لم تتخذه أو تلوح به حتى الآن، فقط تشكو فى الغرف المغلقة مما يصzيبها من الجميع.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved