انتهى الدرس يا مكى

أحمد الصاوى
أحمد الصاوى

آخر تحديث: الأحد 21 أبريل 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

كتائب الجماعة والمتعاطفين معهم خرجوا إلى الميادين مطالبين بتطهير القضاء.

 

قالوا كلاما عاما كثيرا ورفعوا شعارات فضفاضة كبيرة، لم يقل أحد منهم تطهير القضاء مِن مَن تحديدا، لكن الاسم الوحيد الذى تم رفعه فى إطار مطالبات الإقالات والتطهير كان اسم وزير العدل أحمد مكى.

 

من خارج الصورة ربما تعتقد أن جماهير الجماعة وقادتها مع استقلال القضاء يدعمونه ويطالبون به، لكن هؤلاء يتخذون موقفا حادا من وزير العدل، ويتخذون موقفا داعما من النائب العام.

 

كلاهما النائب العام ووزير العدل وجها ضربات قوية جدا لاستقلال القضاء، الأول بقبوله الجلوس على مقعده شاقا صف القضاة، ومتحملا شبهات الانحياز للسلطة، وراضيا بلقب نائب مرسى الخاص، وواضعا نفسه فى خصومة سياسية مع باقى الأطراف، راضيا أن يكون اختيار مرسى مثلما كان سابقه اختيار مبارك، وذراعه القانونية فى تحريك وتجميد البلاغات وفق أجندة السلطة.

 

والثانى بمشاركته أو صمته أو غض طرفه عن كل الممارسات التى اتخذتها السلطة ضد استقلال القضاء، وعلى رأسها طريقة فرض النائب العام على موقعه سياسيا وليس قضائيا، وصمته على الإعلان الدستورى والتنكيل بالمحكمة الدستورية، وازدراء الأحكام التى لا تصادف هوى السلطة، والتغطية على جرائم القتل والتعذيب عبر تقارير الطب الشرعى.

 

لكن الإخوان يحبون النائب العام ويدعمونه، فيما تحولوا عن وزير العدل داعين فى مظاهرات عامة إلى إقالته فى إطار فعاليات سموها بـ«تطهير القضاء».

 

ماذا جرى؟

 

تحاول الجماعة تمرير قانون جديد للسلطة القضائية، يتضمن فيما يتضمن خفض سن تقاعد القضاة للإطاحة بحوالى 3 آلاف قاض دفعة واحدة، لكن المستشار أحمد مكى وزير العدل يرفض هذا المشروع ويقف حجر عثرة فى طريقه.

 

هذا إذن نموذج القاضى الذى تريده الجماعة الحاكمة، القاضى الذى يسمع الكلام ويقول حاضر ونعم، وعندما يجرؤ يوما أن يعترض أو ينتقد تخرج الجماهير مطالبة بإقالته، هكذا يسمون تطهير القضاء وهو التخلص من كل قاض لا ينفذ ما يُطلب منه ودعم كل قاضى ملتزم بالسمع والطاعة، لهذا صار مكى غير مرحب به داخل السلطة والجماهير الداعمة لها التى غذتها قيادات فى الجماعة لتصوغ موقفها الذى عبرت عنه فى شعارات التطهير.

 

هذا فيما يخص استقلال القضاء، لكن فيما يخص أحمد مكى نفسه فهناك الكثير مما يقال، فالرجل الذى كان مع شقيقه وكثير من المفكرين والمستشارين، وسيلة لا أكثر لتجميل حكم الجماعة وخرجوا واحدا وراء واحد بعد أن استنفذ منهم النظام غرضه، أو رفض من امتلك منهم قرار الرفض الاستخدام، لم يبق منهم سوى أحمد مكى، يخدم النظام الجديد بإخلاص، يتخلى عن كثير من ثوابته ونضاله السابق لتدعيم السلطة الجديدة وفرض إرادتها على القضاة حتى ولو بلى عنق القانون والدستور.

 

اليوم مكى مطلوب عزله وإقالته، فقط لأنه فى مرة قال لا، فصار ليس نموذج القاضى الذى ترغب فيه الجماعة، القضاء لا بد أن يجرى تطهيره من مكى ومن هم على شاكلته، وتمكين قضاة السمع والطاعة، هذا درس آخر للثورة ولكل من دغدغت عواطفه شعارات تطهير القضاء، ودرس أخير لمكى نفسه.

 

قضاة الإخوان كقضاة مبارك.. لن يجلبوا عدلا ولا استقلالا.

 

الاستبداد ملة واحدة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved