نحو فهم تطورات الصراع الإيراني الإسرائيلي
إيريني سعيد
آخر تحديث:
الأحد 21 أبريل 2024 - 7:40 م
بتوقيت القاهرة
في ضوء التوقعات حول رد طهران المفترض علي الضربة الإسرائيلية للسفارة الإيرانية بدمشق، وما نتج عنها من تداعيات أدت إلي مقتل أكثر من سبعة عناصر تابعة للحرس الثورى الإيرانى، جاءت الهجمات الإيرانية الثقيلة والمتواترة علي العمق الإسرائيلي وإلي داخل قلب تل أبيب، حيث تمكنت أكثر من 300 طائرة مسيرة وصاروخ من اختراق قلب دولة الكيان، بالإضافة إلى الصواريخ الباليستية والتى انطلقت من طهران، لتمر بعدد من الدول العربية حيث التعاون السياسي والعسكرى مع طهران، والتى لأول مرة منذ السابع من أكتوبر الماضى تبرز كطرف أصيل فى الصراع مع إسرائيل، بجانب وكلائها وأذرعها بالمنطقة، والتى طالما اشتبكت مع إسرائيل سواء فى الجولان أو الجنوب اللبنانى ناهينا عن الحلفاء فى العراق واليمن.
لعل الملاحظات الأولية بخصوص الهجمة الإيرانية تمثلت في كونها هجمة مُسيسة بامتياز، اعتمدت فيها طهران عدة من التوازنات بين حتمية ظهورها الصريح مجابهة للتطاول الإسرائيلى على سيادتها، وبين مصالحها مع الولايات المتحدة ومحاولة الابتعاد عن المواجهة الصريحة معها، فلا زال البرنامج النووى يمثل لإيران الهاجس الأكبر وإن اقتربت من نسب تصنيع القنبلة النووية.
أيضا لا تريد طهران توسعة قواعد الاشتباك فى المنطقة، كونها ترى فى نفسها ورقة رابحة ووسيلة ضغط من الممكن التعويل عليها فى القادم، حال نفاذ كافة الأوراق والمناورات، كما أنها اعتمدت منهجية المناورات السياسية والعسكرية فى التعامل مع إسرائيل وقبيل الهجمة المباشرة، عبر تصريحات القادة والمسئولين فى طهران. أيضا تحرك المسيرات وإجراء المناورات المتتالية كلها تحركات لعبت جيدا دورها على إسرائيل وأجهزتها، وداعميها من الغرب، حتى أن بايدن قطع عطلته من أجل ترتيبات دعم تل أبيب قبيل هجمة إيران. ملاحظة أخرى تعلقت بخلفية الهجمات فى كونها اقتربت من الهجمات الاستعراضية، أكثر من كونها هجمات قوات انطلقت من أجل تدمير أهداف بعينها، وهنا يبرز التأكيد على منهجية طهران وسياساتها بخصوص غياب الرغبة فى المواجهة المباشرة، لكنها أيضا أرادت استعراض قواتها وترسانتها العسكرية وما تحتويه من طائرات مسيرة وصواريخ باليستية وأخرى طائرات بدون طيار يتجاوز مداها الـ2000 كيلو متر.
غير أنه من الصعب اعتبار نفس هذه المواجهة بين طهران وتل أبيب كونها مسرحية هزلية أو حتى معدة من قبل لحفظ ماء الوجه الإيرانى، بدليل اهتزاز المنطقة بأكملها وسريان التجهيزات والاستعدادات من قبل معظم الدول والواقعة بين الجانبين، والأهم تحرك الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، من أجل صد المواجهات قبيل وصولها تل أبيب، وإن تمكنت القوات الإيرانية من الوصول إلى داخل العمق الإسرائيلى، وربما تم توقع التحرك الإيرانى وعلى هذا النحو، ودون الاستعانة بالوكلاء هذه المرة، وإن استخدمت قواعدها فى العراق وسوريا. غير أن الرد الإسرائيلي المحدود عبر هجوم أصفهان، لم يبرز أية إشارات بخصوص المناورة القادمة، أو التوجه الإسرائيلي المفترض ترسخه الفترة القادمة، فلاشك تتجه التحليلات كافة للوقوف على التصورات المتعلقة بالسيناريوهات القادمة، سيما ردود الأفعال الإسرائيلية على هجمات إيران الأخيرة والتى جاءت مباشرة إلى داخل العمق، وهنا يبرز سيناريوهان، فى ضوء تعدد جبهات القتال بالمنطقة وفى مواجهة إسرائيل، أيضا بفرض تشتت قدرات دولة الاحتلال على المستويين العسكرى والاقتصادى، وإن لا زالت مدعمة على المستوى السياسي من قبل حلفائها الغربيين: - السيناريو الأول: إما أن تعاود إسرائيل لاستكمال مساراتها العسكرية فى غزة ومن ثم الاتجاه لرفح من أجل تحقيق أهدافها والتى فشلت مرارا فى تحقيقها، سواء القضاء على حماس أو تحرير رهائنها، ذلك بعدما نجحت فى إحداث تغير ولو طفيف على مستوى التحولات الغربية عنها مؤخرا، وبهذا يكون نتنياهو قد خضع لتوجيه بايدن الأخير وتوازنات الولايات المتحدة حينما أرجعته عن الرد على طهران.
- السيناريو الثانى: أن تستمر إسرائيل فى التعتيم على إخفاقها فى الحرب على غزة، ومن ثم تواصل الحرب مع إيران، والأرجح أن تشتت دولة الاحتلال سياسيا واقتصاديا وعسكريا ما بين تعدد جبهات الصراع وبين صد الجماعات المقاومة في المنطقة والأذرع الإيرانية خصوصا عقب بروز إيران بشكل مباشر، واحتمالية تراجع الدعم الغربي مرة أخرى في ضوء التحولات الاقتصادية الداخلية، والتعثر الأوكراني في حربها مع روسيا والأهم بروز اليمين المتطرف في أوروبا وتوقعات سيطرته علي الاتحاد الأوروبي، مع انتخابات البرلمان الأوروبي يونيو القادم، قد يعقد المنهجية الإسرائيلية بالمنطقة الفترة القادمة، وربما تُستنزف دولة الكيان فى حرب طويلة الأمد.