ثلاثة أطراف قادرة على تغيير الوضع القائم ومنع الكارثة
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
الإثنين 21 أبريل 2025 - 6:30 م
بتوقيت القاهرة
حكومة نتنياهو تقود إسرائيل من نظام ديمقراطى إلى حكم الفرد، ولم نعد بعيدين عنه اليوم. ومثلما تعلّمنا التجربة التاريخية، فإنها مسألة وقت، وليس وقتًا طويلًا، قبل أن يتحول حكم الفرد إلى نظام استبدادى وفاسد على حساب الحريات الشخصية. نحن لم نصل إلى هناك بعد، لكننا نسير على الطريق المؤدية إلى ذلك. هذا هو الواقع اليوم، وهو أمر محبِط، وبشكل خاص لجيلنا.
هناك ثلاثة أطراف فى إسرائيل، ما زالت قادرة، بقواها المشتركة، على تغيير الوضع القائم ومنع الكارثة: المستشار القانونى للحكومة، والمحكمة، والجمهور.
الهيئة الاستشارية القانونية للحكومة، والتى تتألف من المستشارين القانونيين فى وزارات الحكومة، وعلى رأسهم المستشارة القانونية للحكومة، تُعتبر من حرّاس البوابة، فهُم خط الدفاع الأول عن سيادة القانون. كل سلطة حاكمة، وعلى رأسها الحكومة، مُلزمة بتطبيق القانون، وهذا هو أساس الديمقراطية. الرأى القانونى للمستشارة القانونية للحكومة مُلزِم للحكومة، ما لم يقرّر القضاء خلاف ذلك. كان هذا الأمر واضحًا ومقبولًا من جميع الحكومات فى إسرائيل، من اليمين واليسار، حتى قيام الحكومة الحالية.
الآن «الكابوس» يتحقق أمام أعيننا: الحكومة تتّخذ قرارات، المرة تلو الأخرى، ترى المستشارة القانونية للحكومة، وفقًا لرأيها القانونى، أنها مخالِفة للقانون. ومع ذلك، لا يزال جهاز الاستشارة القانونية فى وزارات الحكومة، وفى الحكومة نفسها، ينجح فى كثير من الأحيان فى تقييد ومنع اتخاذ قرارات غير قانونية داخل الوزارات. فلو لم يكن الأمر كذلك، إذا، لماذا تسعى الحكومة لإقالة المستشارة القانونية للحكومة؟ لذلك، من الأهمية البالغة الدفاع عن جهاز الاستشارة القانونية للحكومة ودعمه.
فى الواقع، تُعتبر المحكمة، خصوصًا المحكمة العليا (باجاتس)، خط الدفاع الأخير عن سيادة القانون، وفعليًا، عن الديمقراطية فى الدولة، وأثبتت ذلك من خلال أحكامها، مرارًا وتكرارًا، منذ قيام الدولة. إذا قررت الحكومة عدم تنفيذ حُكم قضائى، فقد يكون ذلك الشرارة التى تفجّر برميل البارود. حتى قبل كارثة السابع من أكتوبر، كان هناك مؤشرات تحذّر من احتمال حدوث تطوّر كهذا، ومن بين هذه المؤشرات، أعلن طيّارون ومقاتلون آخرون، أُعفوا من خدمة الاحتياط فى الجيش، قانونيا، أنهم لن يتطوّعوا للخدمة، كذلك، أعلنت الهيئات الاقتصادية المركزية (الاتحاد العام للعمل ورؤساء القطاع الخاص) أن رفض الحكومة تنفيذ حكم قضائى سيكون الخط الأحمر الذى سيؤدى إلى شلّ الاقتصاد الوطنى بأسره. يجب أن نأمل بألّا يتحقق هذا «الكابوس».
ومع ذلك، فإن المحكمة التى تجلس فى قلب مجتمعها، وكذلك جهاز الاستشارة القانونية للحكومة، يحتاجان إلى ثقة الجمهور من أجل أن يتمكنا من أداء مهماتهما كما يجب، ويجب أن تُترجم ثقة الجمهور إلى دعم فعلى للمحكمة والاستشارة القانونية حين تتعرضان لتهديد من الحكومة. فعلًا، لم يتأخر الجمهور فى التعبير عن دعمه لجهاز القضاء ضد خطة الانقلاب القضائى منذ يناير 2023، من خلال احتجاج جماهيرى واسع، وحازم، ومتواصل.
ومع ذلك، يبدو فى الوقت الراهن كأن الحكومة غير مستعدة لتغيير نهجها فى مواجهة هذا الاحتجاج، وفى مثل هذا الوضع، قد تتحوّل الاحتجاجات الاجتماعية إلى عصيان مدنى، وقد حدث ذلك من ذى قبل، حتى فى إسرائيل. ومؤخرًا، أقرّ الكنيست قانون أساس يُغيّر تركيبة لجنة اختيار القضاة، بطريقة تمكّن الحكومة، باستخدام الحِيَل التى تعتمدها، من تعيين قضاة تراهم مناسبين لها. بعد سنّ هذا القانون، قُدّمت التماسات إلى المحكمة العليا (باجاتس) لإبطاله، ومن المفترض أن تعرف المحكمة، كما فى السابق، كيف تؤدى دورها على النحو المطلوب، بما يتماشى مع جوهر إسرائيل، كدولة وديمقراطية.
نحن، أبناء جيل إقامة الدولة، لم يتبقَّ منّا إلّا قلّة، جيل آخذ فى التلاشى، لكن صوتنا لم يُسمع حتى الآن، وحان الوقت لنُسمعه، وهذه هى وصيّتنا: استمروا فى النضال بكل ما أوتيتم من قوة.
يتسحاق زامير
هآرتس
مؤسسة الدراسات الفلسطينية