الثورات العربية والحاجة إلى عهد ديمقراطى عربى- أمريكى
عبد الفتاح ماضي
آخر تحديث:
السبت 21 مايو 2011 - 9:32 ص
بتوقيت القاهرة
حاول أوباما إعادة بناء علاقات بلاده مع مصر والدول العربية لتجاوز السلبيات التى تراكمت عبر عقود من الدعم المطلق للأنظمة العربية، لكنه لم ينجح لأن إعادة البناء تتطلب التعامل مع جوهر المشكلة، كما تحتاج إلى شركاء عرب جادين فى موضوع الديمقراطية. ولأن مطالب الثورة المصرية، وغيرها من الثورات العربية، تدور، فى مجملها، حول بناء دولة المؤسسات الديمقراطية والحكومات المنتخبة والشفافية، فمن المتوقع أن تظهر حكومات عربية أكثر ديمقراطية من النظم السابقة. ومع توارد أنباء عن قرب ظهور استراتيجة أمريكية جديدة فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فهناك حاجة حقيقية إلى دعم أمريكى صريح ونهائى للتوجه العربى نحو الديمقراطية، وتعزيز الحكومات الديمقراطية المتوقع ظهورها.
•••
الاستراتيجية الأمريكية المنشودة، والتى تحتاجها المنطقة، لابد أن تحسم علاقات أمريكا بالدول العربية فى شأن الديمقراطية، على النحو الذى حسمت به أمريكا علاقاتها مع دول أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية. ففى شرق أوروبا، ساعدت أمريكا القوى الديمقراطية فى إطار مواجهتها للشيوعية. ولهذا شكلت اتفاقيات هلسنكى، الصادرة عن مؤتمر الأمن والتعاون (1975)، أرضية مشتركة استندت إليها قوى الإصلاح لإضعاف شرعية أنظمة الحزب الواحد وتمهيد الطريق أمام انتهاء الحرب الباردة وبدء التحول الديمقراطى. تضمن الإعلان عشرة تعهدات متبادلة، تحتاج دولنا العربية إلى معظمها فى علاقاتها بأمريكا، وهى المساواة فى التمتع بالسيادة، الامتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها، عدم انتهاك حدود الدول، وحدة أقاليم الدول، التسوية السلمية للمنازعات، عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول، احترام حقوق الإنسان، حق الشعوب فى تقرير مصيرها، التعاون بين الدول، والتقيد بالتزامات القانون الدولى. ولاشك، فى منطقتنا، تتطلب هذه الأمور دعم حل شامل وعادل للصراع العربى الصهيونى ينهى الطابع العنصرى والإمبريالى لإسرائيل.
وفى أمريكا اللاتينية، وقع وزير الخارجية الأمريكى الأسبق، كولن باول، فى بيرو فى 9/11/2001 مع مسئولين من دول منظمة الدول الأمريكية «العقد الديمقراطى الأمريكى»، وهو الميثاق الذى دشن مرحلة جديدة فى علاقات واشنطن بجيرانها الجنوبيين، فقد تخلت واشنطن عن سياسة التدخل وفرض الهيمنة وتعهدت بالدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للآخرين، واحترام مبدأ السيادة والقانون الدولى. وصارت الديمقراطية، فى عبارات قاطعة، حقا من حقوق شعوب المنطقة، وأمرا أساسيا للتنمية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وضرورة حيوية لحماية حقوق الإنسان وحقوق العمال. والتزم أعضاء المنظمة بالدفاع عن الديمقراطية ونشر ثقافتها، وتقوية المجتمع المدنى، وتجريم التمييز.
•••
تحتاج المنطقة إلى عهد ديمقراطى عربى أمريكى، يأخذ فى الحسبان احترام رغبة الشعوب العربية فى اختيار الديمقراطية كنظام حكم بلا تدخل أو ضغط خارجى، وفى عدم تجاهل الإسلام ضمن مرجعيتها العليا لنظمها الديمقراطية المنشودة، مع التأكيد على مكونات الثقافة العربية الجامعة للشعوب العربية على اختلاف ثقافاتها الفرعية، وبما تحتويه من قيم إسلامية ومسيحية، ومن تنوع ثقافى كردى وأمازيغى وأفريقى وغيره، وتنوع مذهبى سنى وشيعى. واحترام سيادة الدول وعدم التدخل فى شئونها الداخلية والتوقف عن دعم أى أنظمة تنتهك حقوق الإنسان. واحترام حق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره وحق فلسطينى 1948 فى حقوق المواطنة الكاملة، والكف عن دعم إسرائيل مادامت تنتهك حقوق الإنسان وتمارس التمييز على أساس دينى. بجانب إجراء عملية مصالحة عراقية ــ عراقية وليبية ــ ليبية برعاية الدول العربية والولايات المتحدة والأمم المتحدة، وانهاء الاحتلال الأمريكى للعراق وإحلال قوات أممية لحفظ الأمن ومراقبة عملية المصالحة.
فى حالة الوصول إلى مثل هذه التعهدات المتبادلة والتقيد بها يمكن الحديث فعلا عن إعادة بناء العلاقات العربية ـــ الأمريكية على أسس صحيحة.