صناعة البلطجة فى مصر
أحمد منصور
آخر تحديث:
الثلاثاء 21 مايو 2013 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
كان الفتوات فى مصر القديمة هم أصحاب النخوة والشهامة ونصرة المظلوم، وقد تجاوز بعضهم هذه المفاهيم إلى سلوكيات سيئة فى بعض الأحيان، لكن البلطجة حرفة أخرى بدأت تظهر وتتغول فى مصر فى نهاية عند السادات لكنها تفشت إلى حد كبير فى عصر الفساد عصر مبارك، حتى صارت صناعة وحرفة يعمل بها ما لا يقل عن نصف مليون مصرى، وكان رجال الأعمال وأثرياء الانفتاح هم من شجعوا هذه الصناعة للحصول على ما لا يحق لهم، فكان أى منهم يضع يده على قطعة أرض ليست له أو على أى شىء آخر ويحميها ببعض البلطجية وعلى المتضرر اللجوء للقضاء، حتى الأحكام القضائية فى ظل نظام البلطجة لم تكن تحترم ولم تكن تنفذ لأن الحاكم السابق كان بلطجيا كبيرا وراعيا للبلطجية، بل كان وزير الداخلية يستخدم بعض البلطجية لتحقيق أغراضه وعلى سبيل المثال كانت هناك علاقة قوية تربط بين حبيب العادلى وزير الداخلية السابق والبلطجى المشهور صبرى نخنوخ، وكان نخنوح من أكبر موردى البلطجية فى مصر، فكان كل الفنانين والمطربين والراقصات وغيرهم يطلبون من نخنوخ أن يوفر لهم بلطجية لحمايتهم تحت ستار أنهم حراس شخصيين، وكان كل هؤلاء يطلبون ود نخنوخ ورضاه، ويقدمون كل أنواع الهدايا بدءا من الخمور غالية الثمن وحتى النساء من أجل رضا نخنوخ، حتى أنه حينما قبض عليه كان عنده نساء قبض عليهن اتضح أن أحدهم بعثهن هدية إليه ليتمتع بهن بالحرام، وقد تطور عالم البلطجية بشكل كبير قبيل سقوط مبارك فقد كان البلطجية هم الذين يحمون رجال الأعمال وهم الذين يسودون الصناديق فى الانتخابات ويعتدون على المرشحين المنافسين وأنصارهم، وكل بلطجى له سعر حسب الدور الذى يقوم به وحسب قوته وعافيته وجسمه وانسجامه مع ما يكلف به، بعد الثورة تطور الأمر واستخدم هؤلاء البلطجية من قبل رجال الأعمال ليقوموا بأعمال مضادة للثورة خلال أيامها المجيدة من 25 يناير إلى 11 فبراير مثل الهجوم على ميدان التحرير وموقعة الجمل وغيرها، وقد تطورت البلطجة بعد ذلك وضمت إليها فئات جديدة من عمال التراحيل واليومية الذين لم يكونوا يجدون عملا بسبب تردى الأوضاع الاقتصادية ولعل قصة حمادة المسحول خير شاهد على ذلك كما ضمت أطفال الشوارع وأمثالهم ويمكن متابعة تحويلات النيابة اليومية لهم للأحداث، واصبح هناك مقاولون وموردون للبلطجية فى الأحياء الفقيرة والشعبية فى مصر، بعضهم بقالين وبعضهم مقاولى أنفار حيث كانت بعض التجمعات بحاجة إلى أعداد كبيرة من البلطجية وحينما تكون هناك تظاهرات فى القاهرة يضطر مقاولو البلطجة إلى استيراد بلطجية من الأقاليم وكانت المقاهى هى الأماكن التى يتم التعاقد عليها فى العادة وكان أجر البلطجى فى البداية مائة جنيه فى اليوم لكنه تطور فى بعض الأيام والمعارك إلى خمسمائة جنيه فى اليوم حسب الحاجة والدور الذى يقوم به البلطجى، بعض الدول التى عملت ضد الثورة المصرية حولت ليس ملايين أو عشرات أو مئات الملايين وإنما مليارات إلى مصر سعت من خلالها أن تسقط النظام بكل السبل وكانت صناعة البلطجة إحدى الصناعات التى ضخت فيها عشرات الملايين من الدولارات، البلطجية يعانون بعض الكساد الآن لكنهم يستعدون للانتخابات القادمة.