إسكات مدافع «آيات الله»!
خالد أبو بكر
آخر تحديث:
الثلاثاء 21 مايو 2024 - 6:15 م
بتوقيت القاهرة
لا يمكن للمراقب لمجرى الحوادث فى الشرق الأوسط أن يستبعد الشبهة الجنائية فى حادث سقوط المروحية الرئاسية التى كانت تقل الرئيس الإيرانى ووزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان الأحد الماضى، ما أدى إلى مقتلهما مع آخرين؛ لأن ما جرى لشخصيات عسكرية وعلمية إيرانية بارزة فى السنوات الأربع الماضية، يجعلنا أمام مشروع يهدف إلى تقطيع أوصال المراكز الحساسة فى الجمهورية الإسلامية، للحيلولة دون نجاحها فى الوصول إلى صنع القنبلة النووية التى سوف تقلب المعادلات فى الشرق الأوسط والعالم على اتساعه وتهدد أمن إسرائيل.
بدأت قصة اغتيال القيادات الإيرانية البارزة فى السنوات الأخيرة باغتيال قاسم سليمانى، قائد فيلق القدس فى الحرس الثورى الإيرانى، فى 3 يناير 2020 قرب مطار بغداد الدولى، وهو الرجل الأهم فى سياسات طهران الخارجية بالمنطقة، والمسئول عن دعم الميليشيات الموالية لإيران فى بعض المناطق من العالم العربى، مثل: لبنان، العراق، سوريا، واليمن، وكانت ضربة موجعة للإيرانيين، لكن ردهم كان خجولًا ومنسقًا مع الأمريكيين بحسب ما كشف فى وقت لاحق الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، حيث تضمن إطلاق نحو 12 صاروخًا باليستيًا، فى اتجاه قاعدتين للقوات الأمريكية غرب العراق وشماله فى 8 يناير 2020، أدت إلى حدوث أضرار طفيفة.
لم تنتهِ القصة بعد، ففى 27 نوفمبر 2020 وجه موساد لطمة أخرى للإيرانيين بنجاحه فى اغتيال العالم النووى محسن فخرى زادة، أحد العقول الكبيرة التى تدير البرنامج النووى الإيرانى، بعدها نشرت صحيفة التايمز البريطانية تحليلًا حول ملابسات هذا الاغتيال تحت عنوان «اغتيال العالم النووى الإيرانى كان أبرع أعمال الموساد». يقول التحليل إن مسئولين فى الاستخبارات البريطانية يصفون اغتيال العالم الإيرانى بأنه ذروة مشروع «الموساد» لتدمير البرنامج النووى الإيرانى. ويشير التحليل إلى أن الاعتقاد السائد على نطاق واسع هو أن جهد الموساد المستمر منذ أكثر من عقد من الزمان تضمن عمليات اغتيال فى وضح النهار فى شوارع طهران وتفجيرات فى معامل سرية لتخصيب اليورانيوم والإدخال لفيروس «ستوكسنت» إلى أنظمة التشغيل بواسطة ذاكرة بيانات بريئة الشكل.
***
زادت وتيرة اصطياد إسرائيل لقادة عسكريين إيرانيين بارزين خصوصًا على المسرح السورى بعد عملية طوفان الأقصى فى 7 أكتوبر 2023، ففى ديسمبر من نفس العام، اغتيل مسئول الإمدادات لقوات «الحرس الثورى» فى سوريا العميد رضا موسوى فى ضربة صاروخية إسرائيلية على منطقة السيدة زينب. وكان موسوى آخر من رافق قاسم سليمانى فى الساعات الأخيرة قبل أن يغادر دمشق إلى بغداد، وفقًا لمواقع «الحرس الثورى».
ثم فى 20 يناير 2024، أقر الحرس الثورى، بمقتل أربعة مستشارين عسكريين إيرانيين فى غارة إسرائيلية على منزل بدمشق، هم: حجة الله أميدوار، على آقازاده، حسين محمدى، وسعيد كريمى. وأبرزهم هو أميدوار، مسئول استخبارات «الحرس الثورى» و«فيلق القدس» فى سوريا.
طورت إسرائيل هجومها، باستهداف مبنى القنصلية الإيرانية فى دمشق بضربات جوية إسرائيلية فى الأول من أبريل الماضى، أسفرت عن مقتل سبعة من عناصر الحرس الثورى، بينهم القيادى البارز محمد رضا زاهدى، الذى يُعد أبرز قيادى فى «الحرس» يقتل بعد قاسم سليمانى.
وجاء الرد الإيرانى على استهداف قنصليتها بإطلاق الصواريخ البالستية والمسيرات على مواقع إسرائيلية، وما أعقبه من رد إسرائيلى على أصفهان، وكلا الردين كان منسقًا برعاية الولايات المتحدة، التى حرصت على عدم توسع رقعة الصراع فى الشرق الأوسط.
***
انطلاقًا من هذا السجل الحافل بالاغتيالات لقادة إيرانيين بارزين لا يرتاح المرء لفكرة أن سقوط طائرة الرئيس الإيرانى جاء نتيجة عطل فنى، خصوصًا أن وفاته مع وزير الخارجية وكلاهما مؤثرين فى لحظة مشحونة بالتوتر الإقليمى والدولى والسخط الداخلى سوف تزيد من الارتباك والتوتر داخل الجمهورية الإسلامية، التى تعانى وضعا داخليا هشا، لعدم رضا قطاعات من الشعب الإيرانى على الحكم الإسلامى منذ عقود.
كان إبراهيم رئيسى، رجل الدين المتشدد الذى بلغ سن الرشد خلال الثورة الإسلامية فى البلاد، ثانى أقوى فرد فى الهيكل السياسى الإيرانى بعد المرشد الأعلى خامنئي. وتفتح وفاته فصلًا جديدًا من عدم الاستقرار، فى الوقت الذى تنهمك فيه الجمهورية الإسلامية فى اختيار المرشد الأعلى القادم، وقد تمهد هذه الوفاة الطريق أمام مجتبى، نجل خامنئى، لخلافة والده فى نهاية المطاف.