السلطة الرابعة
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الإثنين 21 يونيو 2010 - 11:45 ص
بتوقيت القاهرة
درجنا على اعتبار الصحافة والإعلام السلطة الرابعة. اعتقد إلى حد اليقين أننا حينما دافعنا دائما عن حريتها إنما تمنينا أن تكتسب قوة ونفاذ كلمة السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية دفاعا عن الإنسان الذى هو نحن. فهل حققت لنا الصحافة تلك الرغبة المشروعة بعد أن تعلقت بها آمالنا؟
لست فى موقع دفاع عن متهم صادف أن كان زميلا طبيا فى معهد القلب القومى فالاتهام الذى وجه إليه يخصه وحده ولا ينسحب على مكان عمله ولا يستوجب أن ينبرى زملاؤه للدفاع عنه حتى لو كان فى الذاكرة حديث الرسول عليه السلام: «من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة».
عمدت الصحف المصرية كافة فى الأسبوع الماضى إلى تلوين قضية طبيب أمراض القلب المتهم بممارسة أعمال منافية للآداب فى عيادته بكل ألوان الإثارة التى قد تجذب اهتمام القارئ للحظة وسرعان ما تعافها نفسه. تساوت صحف المعارضة والمستقلة والقومية كما يطلق عليها فى الحرص على استخدام أبجدية خاصة صادمة للعين والأذن والنفس بل وتفننوا فى صياغة عناوين تشمل كل مفرداتها.
أضفوا على المتهم صفات ليست له وأضافوا اسم معهد القلب إلى اسمه كما لو كان اسم العائلة رغبة فى إحداث ما يسمى فى عرف الصحافة «فرقعة إعلامية» أصبح شهيرا وعبقريا ومرضاه بالمئات حتى يرقى لمرتبة الجرائم الكبرى التى هى محل اتهام له وقيد التحقيق الذى يمكن أن يثبتها أو ينفيها.
معهد القلب، الدقى، أطباء القلب أسماء لا أظنها الآن إلا حديث مصر كلها ولا يهمنى فى الواقع إلا مرضى القلب فهل تذكرهم أحد فى كل هذا الضجيج الإعلامى الذى أثارته تلك القضية؟
ممارسة الرذيلة، تسهيل الدعارة، إدارة شبكة للأعمال المنافية للآداب، ترويج المخدرات اتهامات كالتها الصحافة للمتهم الذى صادف أن كان طبيبا. فليذهب إلى الجحيم إذا حكم القضاء وثبت اتهامه. فليذهب إلى الجحيم فى هدوء فليس الحديث عن الشر إلا تأصيلا لوجوده وإعلاء لكلمته وتأكيدا لمبادئه.
أذكر معنى حديث للسيدة عائشة عن الرسول عليه الصلاة والسلام يدعو الناس إلى ستر عورات «ذوى الهيئات» بمعنى أصحاب الفضل وأهل الرأى والمشورة وأظن الأطباء منهم. النشر أمر واجب ولكن فى سياق كان للسلطة الرابعة أن تنبه إليه فالحرية والمسئولية وجهان لعملة واحدة يا سادة.