استراتيجية حقوق الإنسان
سامح فوزي
آخر تحديث:
الثلاثاء 21 يوليه 2020 - 9:15 م
بتوقيت القاهرة
لم تعد «حقوق الإنسان» ــ بمعناها التقليدى ــ من القضايا المطروحة للنقاش العام على نطاق متسع، أسباب ذلك متعددة، منها أن قضايا مثل السجناء، وأوضاع السجون، والمحاكمات، أصبحت فى جانب منها تٌستخدم بوصفها «أدوات سياسية» من جانب تيارات مناوئة، رغم أنها تحتاج إلى تطوير، بينما حقوق أخرى مثل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية مثل الحق فى السكن أو الرعاية الصحية أو حقوق المرأة أو غيرها التى شهدت طفرت فى الفترة الأخيرة لا يُسلط عليها الضوء، وكأن حقوق الإنسان قضايا بعينها منتقاة دون غيرها.
منذ أيام دارت حلقة نقاشية عبر «الإنترنت» بين عدد من المثقفين والخبراء فى مجالات عديدة حول «الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» التى تعدها مصر، ممثلة فى وزارة الخارجية، وذلك بهدف توسيع النقاش، وتبادل وجهات النظر وإبداء مقترحات. وقد بدا المسئول عن هذا الملف وهو السفير الدكتور إيهاب جمال الدين، الذى اختير مندوبا لمصر فى جينيف فى الحركة الدبلوماسية الأخيرة، واعيا ملما بأبعاد هذا الملف، ولمست فى حديثه لغة حقوقية، سواء على صعيد بنية التفكير أو المفردات المستخدمة، واتسمت الأوراق الخلفية للنقاش بصياغة محكمة، وحرفية واضحة، وسلطت الضوء على جوانب مهمة فى الاستراتيجية الوطنية المقترحة، مثل شمولها، والتزامها بالمعايير حقوق الإنسان العالمية، والنهج التشاركى فى التفاعل مع مختلف مكونات المجتمع، ونقلها إلى حيز التنفيذ، ورفع الوعى العام بها، وهى مسألة مهمة، فنحن لا يجب أن نتعامل مع ملف حقوق الإنسان من منطلق إرضاء العالم أو تحسين الصورة الخارجية، ولكن الأهم هو الحرص أن تكون حقوق الانسان باختلاف أنماطها وأجيالها مطبقة فى الواقع العملى، يشعر بها المواطن، وتصبح جزءا من ثقافته.
من أبرز ما أشارت إليه الأوراق الخلفية للاستراتيجية الوطنيةــ الذى يجرى إعدادها من خلال لجنة عليا تشكلت بقرار من رئيس الوزراء سنة 2018ــ هو الانفتاح والتعاون مع مختلف مؤسسات المجتمع، سواء كانت العامة أو الأهلية أو الخاصة، فى محاولة لبناء نموذج من التفاعل والحوار، ولاسيما أن هناك نماذج دولية أخرى من المغرب والسويد وغيرهما، ويبقى على الإعلام دور فى إعادة الاهتمام بقضايا حقوق الإنسان من منظور وطنى، ورفع الوعى الشعبى بها، وربط مفردات الحياة – من سكن وصحة وتعليم ــ بمنظومة حقوق الإنسان. هل هناك إعلاميون لديهم الدراية الكافية بهذه القضايا، أم أن المسألة تتطلب تكوين شريحة من الإعلاميين معنية بهذه الملف، سواء من خلال التدريب والتثقيف، وبناء القدرات من خلال التعاون مع الهيئات الإعلامية الثلاث، أو بالتنسيق مع المؤسسات الإعلامية؟. أظن أن جهدا تراكميا ينبغى أن يُبذل فى هذا الخصوص، ولكن ما طرح حتى الآن من ملامح الاستراتيجية الوطنية، وما دار حولها من نقاش، يشير إلى عمل دءوب خلال الفترة الماضية.