الخليج ــ الإمارات: «المرشد الأمين للبنات والبنين»
صحافة عربية
آخر تحديث:
الثلاثاء 21 سبتمبر 2021 - 9:10 م
بتوقيت القاهرة
نشرت صحيفة الخليج الإماراتية مقالا للكاتب حسن مدن تناول فيها ما نادى به قاسم أمين ورفاعة الطهطاوى فى كتاباتهما من حقوق المرأة وحريتها فى زمن ساده العتمة والجهل وجرأة الكاتبين فى طرح هذه القضية فى زمانهما... نعرض منه ما يلى:
نال من الشهرة ما يستحقها بجدارة كتاب قاسم أمين «تحرير المرأة»، الذى صدر عام 1899، وهو ليس كتابه الأول الذى تناول فيه حقوق المرأة وطالب بتحريرها، فقد سبقه كتابه «المصريون»، الذى كان فى الأساس ردا على انتقادات الدوق الفرنسى داركور، وتلى كتابه «تحرير المرأة» كتاب آخر هو «المرأة الجديدة»، الذى صدر عام 1901.
كتاب آخر نال من الشهرة ما هو أهل لها، نعنى به كتاب رفاعة رافع الطهطاوى «تخليص الإبريز فى وصف باريز»، الذى ينظر إليه الكثير من المؤرخين والباحثين على أنه الكتاب الذى قدح الشرارة الأولى للتحديث الفكرى والمجتمعى فى مصر والبلدان العربية.
لكن هناك كتابا مهما أيضا سابق للكتابين، إذ يرجح صدوره فى عام 1860، ويجمعه أكثر من جامع مع الكتابين السابقين، فهو من جهة عن تعليم المرأة العربية ونهضتها، شأنه شأن كتاب قاسم أمين، وهو من جهة أخرى من تأليف رفاعة الطهطاوى، ولكنه لم يحظ بالصيت الذى حظى به كتابا «تحرير المرأة» و«تخليص الإبريز فى وصف باريز»، ألا وهو كتاب «المرشد الأمين للبنات والبنين»، وفيه دعا الطهطاوى إلى تعليم المرأة، إذ قال فيه: «ينبغى صرف الهمة فى تعليم البنات والصبيان معا لحسن معاشرة الأزواج»، داعيا إلى تعليم البنات القراءة والكتابة والحساب ونحو ذلك، لأن هذا «يزيدهن أدبا وعقلا، ويجعلهن بالمعارف أهلا، ويصلحن به لمشاركة الرجال فى الكلام والرأى».
نالت المرأة العربية اليوم من التعليم وسواه من الحقوق ما فاق بمراحل ما كان الطهطاوى طالب به فى هذا الكتاب، ولكن يتعين النظر إلى الزمن المبكر الذى صدر فيه الكتاب لنرى شجاعة الرجل وبعد نظره، فهذه المطالب التى تبدو اليوم عادية جدا كانت دونها الصعاب والمعارك فى ذلك الزمن الذى سادته العتمة والجهل.
قد يبدو غريبا عند الكثيرين أن الإنجليز بعد أن احتلوا مصر هم من منع تداول الكتاب فى مدارس مصر، وهذا يرينا أن ما ينسبه الأوربيون لأنفسهم من فضل فى نهضة بلدان الشرق، وبينها بلداننا العربية، عندما أتوها مستعمرين، هو أمر ينطوى على الكثير من الزيف والمغالطة.
بالنظر إلى الفارق الزمنى بين صدور كتاب الطهطاوى هذا وكتاب قاسم أمين عن تحرير المرأة يمكننا ملاحظة أن الأخير ذهب إلى مدى أبعد وأكثر جرأة من الأول، وهذا هو الأمر الطبيعى، فالمعرفة تتقدم وتتعمق بالتراكم، حين يبنى اللاحقون طبقات جديدة منها على ما بناه الأسبقون، وهو شأن التطور الاجتماعى والثقافى عامة، قبل أن تداهمنا موجات الردة على أنواعها.