داعش كبديل سماوى!
عمرو حمزاوي
آخر تحديث:
السبت 21 نوفمبر 2015 - 10:40 م
بتوقيت القاهرة
هل فقد إنسان القرن الواحد والعشرين القدرة على التعلم من أخطائه الماضية؟ لماذا نصر على تجاهل النتائج السلبية للتنكر لمبادئ الحق والحرية والتعددية والتسامح، وعالمنا يواجه هجمة إرهابية متوحشة؟
ضربات عسكرية وغارات جوية متتالية على معاقل عصابة داعش، بينما العصابة تتمدد من بلاد العرب وجوارها إلى مناطق مختلفة فى أفريقيا وأوروبا وجرائمها الدموية يتسع نطاقها ليشمل فى بضعة أيام لبنان وفرنسا ونيجيريا ومالى.
دول كبرى ترفع شعار الانتقام من الإرهاب والقضاء على عصاباته وتوجه قدراتها العسكرية والأمنية إلى حيث يستوطن مجرمو داعش وحلفاؤهم، بينما الإرهابيون المجرمون يواصلون الاعتياش على بيئات محلية غير رافضة لوجودهم ويتمكنون من خداع الأجهزة العسكرية والأمنية والاستخباراتية ويتحركون عبر حدود الدول وحواجز الأقاليم دون مصاعب تذكر.
مجتمعات غربية تغرق بعض قطاعاتها السكانية مجددا فى دوائر عنصرية مقيتة باتجاه العرب والمسلمين، وعلى خطاب كراهية يروجه بكثافة اليمين المتطرف وتتفاعل معه القوى السياسية الأخرى تحسبا لنتائج الانتخابات القادمة، وعلى مشاهد عقاب جماعى بها اعتداءات لفظية وجسدية على عربيات ومسلمات محجبات وبها طرد لمسافرين مسالمين من على متن طائرات وبها مطالب عبثية لسياسيين يريدون فرض رقابة أمنية كاملة على العرب والمسلمين؛ بينما الإرهابيون المجرمون يوظفون صعود العنصرية فى الغرب لكى ينشروا بين بعض العرب والمسلمين جنون التشفى فى دماء وأشلاء الأوروبيين والأمريكيين ولكى يستقطبوا ممولين وانتحاريين جددا.
مجتمعات عربية تمتنع بعض قطاعاتها السكانية عن إدراك السقوط الأخلاقى والإنسانى الذى يمثله التبرير الفاسد لجرائم الإرهابيين وخرائط الدماء التى ينشرونها فى الغرب بالإحالة إلى السياسات الغربية تجاه العرب والمسلمين، وتمتنع أيضا عن الاعتراف بكون التطرف الدينى يشكل سببا رئيسيا لظهور وتمدد عصابات الإرهاب فى بلاد العرب وجوارها شأنه شأن حقائق الاستبداد والظلم والفقر والتهميش المجتمعى فى عالمنا وحقائق التهميش الاقتصادى والاجتماعى لبعض قطاعات الجاليات العربية والإسلامية فى الغرب؛ بينما عصابات الإرهاب تعتاش على التبريرات الفاسدة لجرائمها لتواصل استيطان بعض مناطق بلاد العرب والحصول على دعم بشرى ومالى وتنظيمى من ضحايا التطرف الدينى الكاره للحياة.
حكومات غربية تدفعها الهجمة الإرهابية المتوحشة إلى إعلان الطوارئ وتمرير القوانين الاستثنائية التى تهدد ضمانات حقوق وحريات المواطن وتعصف بسيادة القانون، وحكومات عربية وشرق أوسطية راكمت فى مجال انتهاك الحقوق والحريات والتنصل من سيادة القانون خبراتها الأعمق مجتمعيا والأطول زمنيا وتوظف سقوط الغرب فى جنون «مواجهة الإرهاب بعيدا عن القانون» والتنكر للديمقراطية لتبرير فاشيتها هى؛ بينما داعش وحلفاؤها يستقطبون المزيد من الشباب العربى والمسلم بخطاب عدمى يظهر الإخفاق العام لمفاهيم الحق والحرية والتعددية والتسامح فى الغرب والشرق ثم يقدم وحشية داعش ودمويتها كبديل «سماوى» لجنون الغرب وفاشية الشرق.
هذا عالم لم يعد يستحق عناء الحياة!