يوتيوب..إنت أنبوبة

غادة عبد العال
غادة عبد العال

آخر تحديث: الأربعاء 21 ديسمبر 2011 - 9:15 ص بتوقيت القاهرة

فاكر أيام ما قبل الموبايل؟، لما كنت تتأخر بره البيت ولأنهم ما يعرفوش انت رحت فين نصهم ينزلوا يلفوا عليك فى الشوارع والنص التانى يقفوا يستنوك فى البلكونة وهم قلقانين؟، أيام ما كان صاحبك بيقف تحت البيت وينادى بعزم ما فيه «يا احمااااااد»؟ كبديل للرنة بتاعة دلوقتى اللى بتسمعها وتنزل من سكات؟، طب فاكر أيام ما قبل الفيس بوك، لما كنت بترفع سماعة التليفون وتكلم أصحابك وتسمع صوتهم ودن لودن عشان تقول إزيك، كل سنة وانت طيب والبقاء لله؟، فاكر لما صاحبك كان بيهاديك بنكتة جديدة لسه سامعها من 6 شهور و كنتو بتكركروا بسببها مع بعض على مدى شهور كل ما بتقولوها لشخص تانى تقابلوه قبل ما الفيس يحرق كل النكت الجديدة فى خلال نص ساعة أو أقل؟، طب فاكر لما «مرتضى منصور» كان هو المحتكر والمورد الوحيد للسى دى هات، قبل ما مصر كلها تبقى تخصص فضايح وقص ولزق فيديوهات ويبقى فى مقدرة كل واحد يعمل 10ــ 12 سى دى فى اليوم لو عايز، بس يعملهم ليه؟ ما هم مرميين على الـ«يوتيوب»، ساعة ما نعوزهم هنلاقيهم أكيد.

 

 تعامل المصريين مع موقع اليوتيوب أظن إنه مختلف عن تعامل بقية البشرية معاه ــ بالظبط زى ما تعامل المصريين مع الفيس بوك برضه مختلف ــ ففى حين إن بقية شعوب العالم بتحتل قمة سلم اهتماماتهم لما بيستخدموا اليوتيوب للفيديوهات المضحكة للقطط والكلاب أو فيديوهات عائلية وأغانى. ينقسم استخدام المصريين ليه لاتجاهين أساسيين : أولا الفضايح وثانيا نشر الوعى السياسى، وفى أحيان كتيرة هتلاقى الاتجاهين بيندمجوا فى فيديو واحد، فتلاقى فيديوهات هدفها فضائحى لكن يمتلك رافعها حس وطنى صميم فتحمل عناوين زى «فضائح الراقصة فلانة، عليه العوض فى البلد»، أو « شواطىء العراة فى شرم، يا حبيبتى يا مصر يا مصر». وبينما فيديوهات زى دى ممكن تعدى وبتعدى فعلا كل يوم، فيه فيديوهات تانية هدفها «سياسى فضائحى» برضه هى اللى أحيانا بتأثر فى المتلقى وفى بطل الفيديو وممكن تغير حاضرهم ومستقبلهم للأبد، أحيانا بيكون الهدف نبيل وبطل الفيديو يستاهل، فى عالم بيسجل كل همسة ليك، لو كنت فلول وعامل علينا ثورجى عندنا ليك فيديو بيثبت إنك فلول، لو كنت حرامى وعامل علينا شريف عندنا مستندات متصورة فى فيديو بتقول إنك حرامى، لو كنت فلاتى وعامل علينا متدين عندنا فيديوهات وفيديوهات لمغامرات سيادتك السابقة (أصلنا نعز الحاجات دى قوووى).

 

ما عادش حد يقدر يفلت من ماضيه أو جرايمه أو حتى من تفكيره فى يوم من الأيام إنه يرتكب جرايمه، وده شىء جميل ومفيد، ويظهر الحق من الباطل، ويوضح صور كتير، بينما على الجانب الآخر يتخصص البعض فى استخدام مقص المونتاج ليحول الباطل حق والحق باطل، وهو ده الشىء الخطير... كام مرة اتفرجت على فيديو مدته 30 ثانية مقصوص من حوار تليفزيونى مدته ساعة وغير رأيك فى شخصية عامة رغم إن اللى انت شوفته ممكن جدا يكون إجابة على سؤال ما سمعتوش، ممكن يكون تريقة وانت فهمتها على إنها جد، ممكن يكون غلطة لسان اتصلحت فى الثانية 31 اللى انت ماشفتهاش عشان الفيديو خلص بالظبط قبلها؟، كام مرة اتفرجت وفرجت زمايلك على فيديو إنت مش فاهم قوى فيه إيه، بس حد قالك إنه بيفضح اتجاهات فلان الفلانى فآمنت إنه بيفضحه رغم إنه ما بيقولش أى شىء جديد؟، طب كام مرة  فيديوهات نشرتها لمجرد إن عنوانها شدك وجه على هواك، «شاهد فضيحة السلفيين الكبرى»، «الدليل الواضح على كذب الأقباط»، «مرشد الإخوان فى سقطة جديدة»، «إثبات أن ساويرس عميل للسى آى إيه «، من غير حتى ما تفتح الفيديو بتنشره. وناس تانية بتشوف العنوان وتصدق وتبتدى حملات «بيقولك» ،اللى بسببها شخصيات كتير سمعتها بتتلوث ومجموعات كتير بتتبنى بينها عداوة وناس بتفقد الثقة فى شخصيات محترمة بسبب واحد شاطر فى قص ولزق الفيديوهات اللى خارجة من أنبوبة اليوتيوب.

 

خلى بالك وانت بتتفرج وخلى بالك وانت بتنشر، لأن الحاجة اللى انت شايفها بسيطة، ممكن تؤذى ناس كتير، بيقولوا إن الصورة بتساوى 1000 كلمة، فشوف انت الفيديو الواحد بيساوى كام؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved