الوقاية أسلوب حياة
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الجمعة 21 ديسمبر 2018 - 10:55 م
بتوقيت القاهرة
«درهم وقاية خير من قنطار علاج».. رغم المبالغة الواضحة فى المثل إلا أنها مبالغة مقبولة فى محل الدعوة للعمل بوسائل الوقاية التى تقى الإنسان من شر المرض، الوقاية: أحد علوم الطب القديمة التى استمرت لتؤكد أهمية أن يتدارس الإنسان أسباب المرض وتداعياته المختلفة التى يمكن أن تهيئ له وعيا صحيا يمكنه من تفادى تبعات المرض وتكلفة علاجه، الأمر الذى ينسحب أيضا على دور الدولة فى التوعية وتوفير وسائل التشخيص قبل أن يتطرق دورها فى توفير التأمين الصحى لمواطنيها وأعبائه الاقتصادية الباهظة التكلفة.
الرئيس عبدالفتاح السيسى هو أول رئيس تشهده البلاد مهتما بأحوال المواطنين الصحية بشكل مباشر: هو يعطى المثل بتلك الصورة الرياضية التى يحب أن يراه الناس عليها.
واسع الخطوة سريع الإيقاع حينما يرى مترجلا أو فى جولاته الصباحية المبكرة على الدراجة. توجيهاته المستمرة لوزارة الصحة بمشروعات الوقاية من الأمراض وأهمها تلك الأخيرة التى يتم فيها تشخيص وعلاج أمراض فيروس «سى» للالتهاب الكبدى ثم السكر وارتفاع ضغط الدم والسمنة.
هو بلا شك سلوك محمود وحركة إلى الأمام فى الاتجاه الصحيح ولكن لنا بعض الملاحظات على الطريقة التى يتم بها تنفيذ المشروعات والتى تبدو كأنها مشروعات وقتية، الغرض منها قصير المدى بينما الواقع أنها يجب أن تكون مشروعات صحية طويلة الأمد، الغرض منها تأصيل مبدأ وفكرة الوقاية التى لها برامجها العلمية التى تؤسس على احتياج كل مجتمع وخريطته الصحية.
قد نكون نجحنا فى علاج فيروس «سى» لكن إلى الآن المشروع فى مراحله الأولى يحتاج منا متابعة مستمرة وفهما كاملا للنتائج التى وصلنا إليها وتوعية مجتمعية لطرق الوقاية منه، فالأمر لم ينتهِ بعد وإن كنا قد نجحنا فى علاج الإنسان مرحليا، فعلينا أن نتابع خطوات تمام شفائه حتى المرحلة الأخيرة والأكيدة ولهذا حديث آخر.
أرى أن تقف حدود تلك الحملات عند التشخيص وهو ليس بالأمر الهين ولا البسيط إنما هو حجر الزاوية فى علاج كل الأمراض بلا استثناء.
السكر من النوع الثانى وارتفاع ضغط الدم من الأمراض المزمنة التى يطول علاجها وتستلزم الانتباه إلى نمط حياة الإنسان وعاداته الغذائية لذا لا يمكن على الإطلاق تشخيصها من المرة الأولى وعلاجها دون أبحاث تالية مستمرة.
تشخيص مرض السكر من النوع الثانى لا يتم بناء على تحليل عينة دم عشوائية بل يرتكز على عوامل متعددة: التاريخ العائلى ووجود أكثر من عامل خطورة وأعراض مصاحبة إلى جانب عدد من التحاليل الأخرى لنسبة السكر ومسلكه فى منظومة التمثيل الغذائى وقدرته على التركيز فى الدم أو فى الخلايا إلى جانب وظائف الكلى والكبد ووجود أى ظواهر مرضية مصاحبة. لذا فمن الطبيعى أن تتولى تلك الحملات تشخيص مرض السكر بصورة علمية سليمة كاملة ثم تحيله إلى مراكز وزارة الصحة التخصصية.
أما مشكلة ارتفاع الضغط فالظاهر منها قمة جبل الجليد وما خفى دائما أعظم، ارتفاع ضغط الدم بصورة مزمنة يطال بلا استثناء كل أعضاء الجسم خاصة المهمة منها كالقلب والمخ. تشخيصه يحتاج العديد من تحليلات الدم أما علاجه فهو الأمر الذى يجب أن يدرس بعناية وفهم لذا فإن علاجه بتلك الطريقة التى يعلن عنها يعد خطرا داهما على الإنسان.
ما أردت التنبيه إليه أن العلاج لا يمكن أن يتم بالحملات وأن تلك الحملات بالفعل مهمة ومفيدة إذا ما أعلن أنها للتوعية بخطورة المرض وسبل الوقاية منه وتشخيصه فى حدود متاحة وأن على المرضى أن يتوجهوا بعد ذلك للمراكز المتخصصة لتأكيد التشخيص وبداية العلاج.
اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.