نقاشات على الهامش
سامح فوزي
آخر تحديث:
الثلاثاء 21 ديسمبر 2021 - 10:00 م
بتوقيت القاهرة
هناك حاجة دائمة إلى استعادة التفرقة الكلاسيكية بين المجالين العام والخاص نظرًا لأن الحدود بينهما أصبحت باهتة، وتزداد ذبولا هذه الأيام. العام هو شأن المجتمع، وقضاياه وهمومه، والخاص هو علاقات الأسرة، والعائلة، وكل ما يخص الشخص، ولا يهم غيره. فى الفترة الأخيرة هناك غزو لعدد من الموضوعات الخاصة إلى الفضاء العام، حكايات وقصص وروايات، تنشغل بها الفضائيات مثل خلاف ممثل مع أبنائه، وطلاق ممثل لزوجته، وحلقات تقدمها قنوات على اليوتيوب عن أدق خصوصيات الأسرة، مثل العلاقات الحميمة بين زوجين، وتصبح أدق تفاصيل الحياة الخاصة مادة للنقاش والجدل، ودلالة فى غير محلها على حرية التعبير، أو وجود الشفافية فى التناول الإعلامى.
بالتأكيد المجتمع المصرى يحتاج إلى تكثيف الحوار حول قضاياه الداخلية والخارجية، من الاقتصاد وشجونه إلى السياسة الخارجية وتحدياتها، هذه هى النقاشات الحقيقية التى ترفع وعى المواطن، أما ما عدا ذلك فهو نقاش على الهامش، يلهى ولا يبنى.
بالتأكيد.. ليس كل نقاش حقيقيا، بل هناك العديد من النقاشات هامشية تستنفد فرص الحوار دون أن تعود على المجتمع بمردود ملموس. وبدلا من أن نستثير وعى المواطن بشأن قضايا الوطن، نحاصره بموضوعات على أحسن تقدير تخص أصحابها، ولا تعنيه فى شىء. ماذا يفيد المشاهد من تتبع خلاف بين ممثل وأبنائه على تقسيم ثروته، وما العائد الذى يعود على المجتمع من التعرف على فصول الطلاق الدرامى بين ممثل وزوجته أو أن يشهد حديثا مصورا زوجة تبحث عن الطلاق لأسباب تتعلق بطبيعة العلاقة الخاصة مع زوجها... هل هذه هى الحرية الإعلامية؟ ولماذا نسمح بالعملات الرديئة أن تطرد العملات الجيدة؟
لا أريد أن أنشغل بتفسير هذه الحالة، أو محاولة التعرف على أسبابها، ولكن ما يشغلنى أن يدرك المجتمع أن الإعلام أداة عامة لرفع الوعى، وليست أداة لتناول مشكلات خاصة. وإذا انشغلنا بالخاص، انصرف اهتمامنا تلقائيا عن العام. وأظن أن المجتمع المصرى مقبل فى عام ٢٠٢٢ على عدد من القضايا والتحولات التى تحتاج إلى نقاش وحوار جاد مثل قمة الأمم المتحدة للمناخ، وتطبيق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان، وتوثيق العلاقة بين الدولة ومنظمات المجتمع المدنى، والمشروعات الكبرى فى مجال البنية الأساسية والتنمية وتمكين الريف، هذا فضلا عن القضايا الإقليمية والدولية التى تدخل مصر طرفا أساسيا فيها.