خطوة جريئة للسعودية

ديفيد إجناشيوس
ديفيد إجناشيوس

آخر تحديث: الثلاثاء 22 يناير 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

قبل أسبوع، شهدت المملكة العربية السعودية أمرا كان شعب المملكة يتحدث عنه، غير أنهم نادرا ما يرونه إصلاحا سياسيا مهما متوقعا.

 

ففى يوم11 يناير،أعلن العاهل السعودى الملك عبدالله أن 30 امرأة سوف تنضم لمجلس شورى المملكة، وهو هيئة استشارية تضم 150 عضوا، ومن ثم، سوف تحتل النساء من الآن فصاعدا 20 فى المئة من المقاعد. ويرى المتشككون أنها خطوة رمزية، لأن المجلس مجرد مجموعة استشارية، لا تسن أى تشريع فى الواقع. ولكنه رمز قوى، وفقا لما يرى الرجال والنساء هنا.

 

•••

 

وعندما وقع عبدالله خطته لتعيين النساء فى المجلس، قال أحد كبار رجال الدين إن هذا «حرام» فى الإسلام. ولكن الملك مضى قدما، وأعلن الأسماء الثلاثين، قائلا إنه استشار مجلس كبار العلماء، الذى تعتبر موافقته أحد أعمدة النظام الملكى السعودى. وفى الأسبوع الماضى، قابلت حياة السندى، وهى عالمة من بين العضوات المعينات حديثا فى مجلش الشورى. حصلت على درجة الدكتوراه فى الهندسة الكهرومغناطيسية عام 2001 من جامعة كامبردج، وعملت بعد ذلك أستاذا زائرا فى جامعة هارفارد، وأنشأت شركتين وساعدت فى إدارة شركة ثالثة.

 

وهى تقول: «أعتقد أن الحل فى الشرق الأوسط يعتمد على المرأة والشباب». ويصعب أن تخالفها الرأى بعد سماع قصة إصرارها وتصميمها على الإنجاز.

 

ترتدى سيدنى عباءة، يخفف حدة سوادها، كُمَّان ملونان ومطرزان. وهى تحجم عن ذكر سنها، ليس لأسباب تافهة، ولكن لأنها غير متأكدة؛ فقد كان والدها غير متعلم، ولا توجد وثائق يعتد بها لتحديد تاريخ مولدها.

 

•••

 

ومن هذه البداية المتواضعة فى مكة، كبرت سندى لتصبح طالبة مذهلة. تتذكر قراءتها كتاب فى سن المراهقة المبكر عن اكتشاف علماء بريطانيين للحمض النووى، وتحلم أنها ستتلقى تعليما فى بريطانيا يوما ما. وفعلت ذلك بمجرد التخرج فى الجامعة، ضد رغبات والدها فى البداية، على الرغم من حقيقة أنها لا تكاد تعرف اللغة الإنجليزية ــ ثم نالت درجة الماجستير فى الكلية الملكية فى لندن، ثم الدكتوراه فى جامعة كامبريدج.

 

وفى آخر سنة لها فى كامبريدج، أفلست من المال، وخشيت أن تضيع عليها الدراسة. وكان عبدالله ولى العهد حينذاك معروفا بتأييد تعليم المرأة، فكتبت إليه طالبة المساعدة. فاستدعاها شخصيا، وسألها عما تحتاجه من أجل استكمال دراستها.

 

وبعد عام، تدخل عبدالله مرة أخرى: فتقول إنها عندما أنهت أطروحتها، ذهبت إلى السفارة السعودية فى لندن لتسجل مستواها التعليمى. وقال موظف السفارة إن ذلك مستحيل، فهو غير قانونى، لأن المرأة السعودية لم يكن يسمح لها بدراسة الهندسة. فطلبت منه أن يتصل بقصر عبدالله فى الرياض، وأسفر ذلك عن صدور مرسوم ملكى بالسماح للمرأة بدراسة أى مواد تريدها.

 

وتعتبر بقية سيرتها الذاتية غريبة ومدهشة بنفس القدر. فقد كونت شركة لتطوير وسيلة جديدة لتشخيص سرطان الثدى فى مراحله المبكرة. وانضمت إلى مجلس ادارة شركة التشخيص للجميع، التى تبتكر أجهزة تشخيصية منخفضة التكلفة للبلدان النامية. وفى نوفمبر الماضى بدأت شركة سعودية لتقييم الشركات، أطلقت عليها اسم معهد آى تو للخيال والإبداع. وتعتزم منح شهادات زمالة سنويا إلى عشرة من السعوديين يأملون فى أن يصيروا من أصحاب الأعمال، سواء كانوا رجالا أو نساء.

 

فما التأثير الذى يمكن أن تصنعه سندى فى مجلس الشورى؟ تقول إنها تريد تشجيع علم مقارنة النظائر، وريادة الأعمال، لكنها تدرك أن جانبا من دورها يتمثل فى رفع توقعات السعوديين لما يمكن أن تحققه المرأة.

 

•••

 

ويشبه انتظار الإصلاح السياسى فى السعودية، مراقبة الحشائش وهى تنمو! حيث يبدو الأمر دائما، كما لو أن شيئا لا يحدث. ولكن خلال العامين الماضيين من الثورات العربية، بدا أنه من الممكن أن تكون السعودية الدولة الاستبدادية التالية التى ستواجه انتفاضة شعبية. وفى كتابها الجديد «عن السعودية» تتساءل كارين إليوت هاوس: هل يستطيع نظام آل سعود إصلاح الأوضاع فى الوقت المناسب، لإنقاذ نفسه؟.

 

ولن يؤدى تعيين ثلاثين عضوة جديدة فى مجلس استشارى إلى إنقاذ النظام الملكى. لكن تعيينات الشورى تشير إلى أن عبدالله، فى الوقت المحدود المتبقى له على العرش، وهو فى سن الثامنة والثمانين، يريد أن يشرع فى وضع إطار للانتقال إلى دولة أكثر حداثة. وفى تحرك آخر مؤخرا، اختار عبدالله، الأمير نايف بن محمد، الرئيس السابق لهيئة مكافحة الإرهاب السعودية، وزيرا للداخلية ــ مما جعله أول عضو من جيله يصل إلى مناصب القيادة العليا.

 

ولا شك أن عجلة التغيير تتحرك ببطء فى المملكة. ويبدو أنها تدور، ولكن هل تدور بسرعة كافية؟

 

 

 

كاتب أمريكى متخصص

 

فى السياسة الدولية والاقتصاد

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved