الأديان والعنف
الأب رفيق جريش
آخر تحديث:
الأحد 22 يونيو 2014 - 7:40 ص
بتوقيت القاهرة
انعقد فى أول هذا الأسبوع فاعليات المؤتمر التى تنظمه جمعية الواحة OASIS الشهيرة بدراستها العميقة والرصينة والمقربة من كثير من دوائر اتخاذ القرار فى الغرب. وكان موضوع المؤتمر «إغراءات العنف.. الأديان بين الحرب والمصالحة» وذلك فى مدينة سراييفو عاصمة البوسنة والهرسك وشارك بأعماله أكثر من 40 مشاركا وعالما من بلاد مختلفة وقد تم اختيار سراييفو لسببين رئيسين الأول لأن من سراييفو انطلقت الشرارة الأولى للحرب العالمية الأولى 1914 ـ 1917 حيث قتل الدوق فرنسيس فردناند وزوجته صوفيا.
وهذا العام يمر مائة سنة على بداية الحرب العالمية الأولى أول حرب يخوضها العالم بأسره وقد خلفت ضحايا كثيرة أما السبب الثانى فهو أن سراييفو ذاتها كانت ضحية لتداخلات أجنبية كثيرة وتسبب ذلك فى حرب طائفية طاحنة 1992 ـ 1995 نرى بقية شواهدها إلى الآن بعد مرور 20 سنة، وأهم شاهد الجروح النفسية التى خلفتها فما من مواطن مسلما كان أو مسيحيا كاثوليكيا أو أرثوذكسيا أو يهوديا إلا حدثك عن هذه الحرب ليؤكد أنها نتاج تدخلات أجنبية فنحن منذ زمن والعيش المشترك يجمعنا. والمؤتمر ناقش «العنف» من جميع الوجوه وقدمت أوراق عن نبذ العنف فى الأديان فى مختلف الطوائف وخلص إلى أنه يجب التخلى النهائى عن منطق العنف وهى المساهمة الرئيسية التى على الأديان أن تقدمها اليوم. فالسلام ليس مجرد هدنة بين متحاربين يقبلون بها كحل وسط وأحيانا كثيرة يكون حلا «هشا» بسبب استحالة التخلص من الآخر. بل يكون مصالحة حقيقية، ومن الغريب أنه كلما كثر الحديث عن السلام والحوار تكررت الحروب والنزاعات التى نشهدها وهذا تناقض حقيقى ولكنه يجب ألا يدفعنا إلى اليأس وأن دور الدين يقوم على تقوية ضمير الإنسان لينبذ العنف ويجعل الحوار والمصالحة السبيل الوحيد لحل القضايا والخلافات فلا توجد حلول سهلة. فما أحوجنا ومنطقتنا العربية فوق صفيح ساخن جدا الآن والتدخلات من كل جهة وصوب والعنف يولد عنفا ولا يترك إلا آثار دمار وجروح نفسية وروحية وإنسانية فى الناس.. آثار صعب أن يداويها الزمن.