عنتريات أمة نائمة
محمد سعد عبدالحفيظ
آخر تحديث:
السبت 22 يوليه 2017 - 8:45 م
بتوقيت القاهرة
فى محاولة يائسة لإيقاظ ما تبقى من كرامة الأمة الصامتة، دعا الشيخ عكرمة صبرى خطيب المسجد الأقصى العرب إلى الغضب من أجل المسجد المحاصر، متهما الأنظمة العربية بخذلان ثالث الحرمين.
الشيخ المرابط على أعتاب الأقصى قال بعد إفاقته فى مستشفى المقاصد إثر إصابته مع مئات المقدسيين برصاص جنود جيش الاحتلال الصهيونى فى منطقة باب الأسباط منتصف الأسبوع الماضى إن «المقدسيين لم يتفاجئوا بالموقف العربى الصامت تجاه المسجد الأقصى».
إزاء الموقف العربى الصامت الذى أشار إليه خطيب الأقصى أصرت حكومة بنيامين نتنياهو على موقفها ورفضت مقترحا عرض عليها الخميس بإزالة بوابات كشف المعادن الالكترونية من مداخل الأقصى قبل صلاة جمعة أمس، وأعطت تفويضا لقواتها باتخاذ ما يلزم لفرض القرار على المصليين، ما أدى إلى مواجهات استشهد فيها 3 شبان فلسطينيين وسقط مئات الجرحى والمصابين.
أحداث جمعة الغضب من أجل الأقصى دفعت عكرمة إلى التخلى عن خطابه المهذب مع الأشقاء العرب، فقال فى تصريح لاحق للهجوم على المصليين واقتحام قوات الاحتلال لمستشفى المقاصد إن: «إسرائيل لم تتعرض لضغط عربى حقيقى بسبب ضعف الدبلوماسية العربية، فالعرب منشغلون بالعنتريات بعضهم على بعض، وشراء أسلحة ليقتل بعضهم بعضا».
مع تصاعد أحداث الجمعة تصدر هاشتاج «نداء الأقصى» موقع التغريدات القصيرة «تويتر»، وانتقد المغردون الموقف العربى تجاه ما يحدث فى القدس، وقال أحدهم :«عذرا أقصانا فنحن أمة نائمة.. شعوب عاجزة.. وحكام ظالمة»، بينما قال آخر: «مسيرات بماليزيا أين مسيرات العرب؟»، وغرد لاعب منتخب مصر والنادى الأهلى السابق، محمد أبوتريكة: «شعب أعزل يواجه محتل غاشم وأمة تعدادها قرابة مليار مسلم تتفرج.. يا أهل فلسطين سامحونا وندعو الله أن يثبتكم فى وجه الاحتلال».
طفح الكيل بخطيب الأقصى ومن معه، فالعرب شعوب وقادة وضعوا القضية الفلسطينية فى «الدرج»، وتراجعت حالة التعاطف العام مع كل ما يمت لفسلطين بصلة، فقبل سنوات قليلة وعلى الرغم من التطبيع العلنى والسرى للأنظمة العربية مع دولة الاحتلال فإن الشارع كانت له حسابات أخرى، فلم يمر انتهاك إسرائيلى فى حق البشر أو المقدسات الدينية دون رد فعل شعبى واسع.
المسيرات المناصرة للقضية الفلسطينية والمنددة بالموقف الرسمى كانت تلهب ميادين ومساجد معظم الدول العربية، حرق العلم الإسرائيلى كان أحد الطقوس المنتظمة فى الجامعات، لم تمنع حالة الطوارئ التى استمرت لنحو 30 عاما فى مصر طلاب جامعة القاهرة من محاولة الوصول إلى السفارة الإسرائيلية.. ماذا حدث؟.. لماذا سقطت فلسطين من ذاكرة العرب؟
إذا كان لبعض الحكومات العربية تصوراتها لـدفن القضية وفق صفقات إقليمية ودولية وضع بنودها الراعى الأمريكى، فماذا عن الشعوب؟، هل أنهكت بفعل صدمات الإصلاح الاقتصادى؟، أم جرى تغييبها وتزييف وعيها والشوشرة على ثوابتها ببث جرعات الكراهية الإعلامية لكل ما هو فلسطينى؟، أم تم إلهاؤها بمعارك عبثية استبدلنا فيها عدونا التاريخى إسرائيل مرة بإيران وثانية بتركيا وثالثة بإمارة قطر؟، أم أنه الخوف الذى غرسته السلطة فكمم الأفواه للدرجة التى يخشى فيها المواطن من أن يئن بصوت مسموع فيجد نفسه متهما بالانتماء إلى جماعة إرهابية أسست على خلاف الدستور والقانون وحيازة سلاح نارى.. إلخ؟ أم كل ما سبق؟.
لن تتحرر القدس إلا بعد أن تسترد الشعوب العربية وعيها وتواجه خوفها وتنال حريتها ويصبح أمرها فى أيديها، فتختار حكامها وتراقبهم وتعزلهم وتستبدلهم بآخرين، وحتى يحدث ذلك فستظل آلة القتل الإسرائيلية تدهس أهلنا فى فلسطين وتنتهك مقدساتنا وتغتصب أرضنا.. فاصرخ يا شيخ عكرمة لن يسمعك أحد فنحن أمة نائمة إلى حين.