كبيرة الوزراء.. ممنوع الرقص
طلعت إسماعيل
آخر تحديث:
الإثنين 22 أغسطس 2022 - 8:40 م
بتوقيت القاهرة
فى 9 ديسمبر 2021 اختيرت سانا مارين، لشغل منصب رئيس الوزراء فى فنلندا، لتصبح أصغر رئيسة حكومة ائتلافية تقودها نساء فى العالم، وهى فى سن الـ 34 عاما، فباتت الفتاة المدللة وسط كبار السياسيين، باعتبارها نموذجا للشابة الطموحة، غير أنها اليوم تواجه عاصفة من الغضب فى بلدها، ليس لأنها سرقت المال العام، أو اتخذت قرارات اقتصادية زادت من الفقر والبطالة، وإنما بسبب سهرها حتى الصباح فى ملهى رقصت فيه بطريقة لم تعجب الفنلنديين.
مقطع فيديو مدته دقائق معدودات ظهرت فيه سانا مرين، وهى ترقص بطريقة هيستيرية وسط مجموعة من أصدقائها، فجر جدلا رافقه ضغوط من المعارضة أجبرتها على الخضوع لتحليل مخدرات، بعد أن بدت رئيسة الوزراء وهى تشارك مطربا فنلنديا شهيرا الغناء، بل إن أحد شهود العيان قال إن مارين تناوبت الرقص مع أربعة رجال أحدهم كان غريبا لا تعرفه، وهى الزوجة والأم لطفلة عمرها 4 سنوات.
وقالت صحيفة فنلندية مستندة إلى رواية شاهد العيان، إن مارين كانت تتراقص مع الغريب، بطريقة لا تناسب مقام المنصب الأول فى البلاد، وإن رئيسة الوزراء «كانت مخمورة بوضوح، ورقصت مع 3 رجال مختلفين على الأقل. كما ارتمت فى حضنى اثنين آخرين، وأمسكها أحدهما برفق من ذراعها».
وردا على مقطع الفيديو الذى انتشر على مواقع التواصل الاجتماعى انتشار النار فى الهشيم ليس فى فنلندا فقط بل فى سائر دول العالم، دافعت مارين عن نفسها قائلة «رقصت، وغنيت واحتفلت، أشياء قانونية تماما (...) لدى حياة أسرية، ولدى حياة عمل، ولدى وقت فراغ أقضيه مع أصدقائى... أنا إلى حد كبير مثل الكثيرين فى سنى»، كما نفت تعاطى المخدرات، وقالت إنها شربت الكحول فقط وشاركت فى الحفل «بطريقة صاخبة».
وإذا كان رقص رئيسة وزراء فنلندا، البلد الأوروبى المنفتح، قد أثار كل هذه الضجة، كان منطقيا أن تستدعى وزارة الخارجية العراقية سفيرها فى الأردن حيدر العذارى إلى بغداد، بعد أن ظهرت زوجته، ميسم الربيعى، تقف بينه وبين الفنان اللبنانى راغب علامة، فى صورة تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعى بكثرة، وأثارت حفيظة المجتمع العراقى المحافظ، بل واعتبرها البعض لا تتناسب مع مسئول يعانى بلده أزمة سياسية حادة وظروفا اقتصادية خانقة.
عدد من رواد «السوشيال ميديا» العراقيين صبوا جام غضبهم على السفير، وكالوا الكلمات القاسية بحق زوجته منتقدين ظهورها بشكل قريب جدا من الفنان راغب علامة على نحو ما بدا فى الصورة، ما دفع الخارجية العراقية إلى القول إنها «ستتخذ الإجراءات المناسبة بهذا الشأن وبأسرع وقت وبما يعزز قيم الدبلوماسية العراقية» قبل أن تستدعى السفير ذاته إلى بغداد.
الهجوم الذى تعرضت له المسئولة الفنلندية التى وصفت قبل واقعة الرقص بأنها «أروع رئيسة وزراء فى العالم»، واستدعاء السفير العراقى إلى بغداد، يؤكد أن المسئول لا يمكنه الفصل بين ما هو عام وما هو خاص، فلا يزال يصعب على الناس تقبل هذا الفصل من أى مسئول، لا فرق هنا بين مجتمع أوروبى منفتح، وآخر عربى محافظ.
حتى الآن، لا يتقبل غالبية الناس، خاصة فى مجتمعاتنا العربية، أن يظهر مسئول، سفيرا كان أو وزيرا أو موظفا كبيرا، وهو يقف على سبيل المثال إلى جوار فنانة متخففة فى ملابسها على شاطئ البحر، أو أن يجلس فى مكان ترفيه يمرح فيه حفنة من الشباب، أو أن يتحرر من بعض قيود وظيفته فى رحلة عائلية من دون أن تطاله «السوشيال ميديا» بالتسريب، واحيانا بالفضح والتجريس.. فاحذروا هذا الوحش المخيف.