معارضة لا مكايدة.. تحالفات لا بوتيكات
وائل قنديل
آخر تحديث:
السبت 22 سبتمبر 2012 - 8:25 ص
بتوقيت القاهرة
من مصلحة مصر والمصريين أن تكون هناك جبهة قومية عريضة تشكل بديلا محترما لتجربة الحكم الحالية، عبر صناديق الانتخاب.. ولكى يكون هذا البديل جديرا بتولى مقاليد البلاد لا بد أن ينشأ على أرض تربة صلبة مكوناتها هى أهداف ومطالب الشعب المصرى كما تبلورت فى ثورة ٢٥ يناير.
ولكى يتحقق ذلك يجب أن تبنى هذه الجبهة بمنطق المعارضة وليس المكايدة، بمعنى أن يكون لديها المشروع السياسى البديل، القائم على برنامج قادر على إقناع جمهور المصريين بأن حياتهم ستكون أفضل فى حالة وصولها للحكم، وهذا يتطلب أن تخرج المعارضة من حالة «النقد للنقد» إلى حالة «النقد لفرض البديل» شريطة أن يكون الإطار الجامع لأطياف وأطراف هذه الجبهة هو مبادئ وقيم ثورة يناير.. بمعنى أنه لا يكفى للدخول فيها أن تكون فقط رافضا لجماعة الإخوان المسلمين، فيما أنت حتى وقت قليل مضى كنت منتميا قلبا وقالبا لتيارات تنبع وتصب فى أرض النظام الذى قامت الثورة لإسقاطه.
وعلى ذلك لو أقيمت التحالفات فقط على أساس مناوأة ومكايدة الإخوان، فإن كل هذا الجهد المبذول سيصب فى مصلحة الإخوان بالتأكيد، وسنكون بصدد إعادة إنتاج للوضعية التاريخية والسياسية التى حشرت جماهير الثورة المصرية بين خيارى ( مرسى ــ شفيق) أو ثنائية ( الإخوان ــ الفلول).
ولعلك تذكر ذلك الحلم الجميل الذى داعب الثورة المصرية فى محطات عديدة واتخذ صيغا وأشكالا تتفاوت من المجلس الرئاسى إلى حكومة الإنقاذ الوطنى، كان نسيج هذا الحلم الثلاثى محمد البرادعى وعبدالمنعم أبو الفتوح وحمدين صباحى، وقد كنت شاهدا على محاولات نبيلة بذلت فى مناسبات عدة، لعل أهمها أجواء مذبحة محمد محمود الأولى حين صرخت الثورة تستغيث بهذا الثلاثى، لكن الصراخ ابتلعته فضاءات البرية ولم يجد مجيبا.. وقد تكررت المحاولة مرة أخرى، بل ومرات، مع الدخول فى معمعة الانتخابات الرئاسية، للجمع بين عبدالمنعم أبو الفتوح وحمدين صباحى ــ مع حفظ الألقاب ــ فى مشروع واحد يشكل بديلا قويا للخيارات المرة المفروضة على المصريين، غير أنه لم يكن فى رصيف أحلام الثورة من يجيب.
ولعلك تلاحظ هذه الكثرة والغزارة فى عدد التحالفات والتكتلات ــ بعضها فلولى صريح وأخرى من بقايا معارضات صنعت فى مطابخ نظام مبارك ــ التى «سلقت» على عجل بمجرد الإفصاح عن قرب إطلاق مبادرة «التيار الشعبى» وما سبقها من أفكار خاصة بمشروع مشترك يضم البرادعى وحمدين صباحى، وهى الغزارة التى تنسف فكرة الاندماج والتكتل من جذورها، وتحولها إلى شىء أقرب لذلك السيناريو الشرير الذى نفذ فى بدايات الثورة بتعبئة وطرح أعداد هائلة من عبوات الائتلافات المسماة ثورية لمزاحمة وابتذال فكرة «ائتلاف واحد لشباب الثورة» وتذكر جيدا أن تعبئة هذه الائتلافات الوليدة كانت تتم فى مسرح الجلاء التابع للقوات المسلحة على عين وبرعاية المجلس العسكرى.
وفى هذه الوضعية التى تمر بها مصر، أزعم وقد أكون مخطئا، أن التحالف الوحيد الذى يمكن أن يشكل جبهة محترمة لمعارضة الإخوان، وليس مكايدتها وإغاظتها، يجب أن يقوم على ثلاثة أضلاع البديل الثورى ( البرادعى ـ حمدين ــ أبو الفتوح) ودون ذلك يؤسفنى أن أقول إن كل هذا الجهد المحترم المبذول يصب فى صالح الإخوان وقوى الإسلام السياسى.